كان قصر الإمبراطور الصيني قد زُين بأرق أنواع البورسلين وكان في حديقته زهور مدهشة وأسوار مزخرفة مربوط بها أجراس دقيقة، كل شيء كان مرتباً ببراعة في دنيا الإمبراطور، وكان في الغابة عندليب ساحر الشدو يمس غناؤه قلوب العمال وكان الزائرون يكتبون الكتب والقصائد عن القصر العظيم والحديقة والعندليب.
وذات يوم كان الإمبراطور يقرأ أحد الكتب حتى وصل إلى هذه الجملة: (ولكن العندليب كان الأروع بلا شك) فصاح: (ما هذا؟) وأمر أن يؤتى بالعندليب ليشدو لديه وإلا عاقب جميع من بالقصر.
انطلقت حاشية القصر في كل ركن تبحث عن هذا الطائر حتى رأوا الطائر الصغير البسيط وقدموا إليه دعوة الإمبراطور.
وفي القصر شدا العندليب بصوته الساحر مما جعل الدموع تسيل من عيني الإمبراطور، تأثر الإمبراطور بهذا الصوت وأراد مكافأة العندليب إلا أن العندليب قال: إن دموع الإمبراطور هي أغلى مكافأة.
أصر الإمبراطور أن يبقى العندليب في القصر وهكذا منح الطائر قفصاً ذهبياً واثني عشر خادماً يسهرون على راحته بالإضافة إلى حرية المشي في الخارج مرتين يومياً.
وبعد مدة أرسلت للإمبراطور هدية كانت عندليباً صناعياً من الذهب والجواهر وكان يستطيع أن يشدو شدو العندليب الأول ثلاثاً وثلاثين مرة دون تعب فحاز إعجاب الجميع فوراً وحينما فر العندليب الحي وغضب الإمبراطور بشدة لهروبه فأمر بنفيه من ملكه.
أكد أستاذ الموسيقى للجميع أن الطائر الأفضل ما زال عندهم ووافقه الجميع على ذلك. وفي إحدى الليالي وبينما كان العندليب الصناعي يشدو انقطع شيء داخله وتوقف. أصلح الساعاتي الطائر لكنه لم يعد بإمكانه الشدو إلا قليلاً.
أصاب الإمبراطور الاكتئاب ومرض لأنه أدرك حقيقية قيمة العندليب الحي، طالت فترة مرضه واشتدت ولكن في إحدى الليالي سمع فجأة شدو العندليب الحقيقي في كل أرجاء القصر الذي كان قد قطع القفار عائداً مستجيباً لنداء الوفاء لمن أكرمه فترة من الزمن..
(الأصدقاء الأوفياء مهما ارتكبت من حماقات بحقهم ستجدهم بجانبك أوقات الأزمات فأكرم ذكرهم حين غيابهم وكن حافظاً لعهد الود).