استغاثة : (أرجوكم احتووني)، هي صرخة يوجهها كل طفل وطفلة وشاب وفتاة، لكل أم وأب واجهوا مسئولية الأمومة والأبوة، فليست فرحة الإنجاب هي نهاية المطاف، بل هي التربية السوية التي أولى عناصرها: (الاحتواء)، نعم الاحتواء، ثم الاحتواء، لأن عدم الاحتواء هو سر الكثير من مشاكلنا الاجتماعية والخلقية والدينية.
ويأتي في مقدمة المشاكل التي تأتي بأسباب عدم احتواء الأهل لأبنائهم: مأساة (الابتزاز العاطفي والجسدي والمادي)، التي يستخدمها ضعاف النفوس مع ضحاياهم، فلو أن كل أم وكل أب استخدموا أسلوب الصداقة والمكاشفة والمناصحة ومحاولة فهم عقليات الجيل الجديد المحاصر بالتغييرات والمستجدات، لما استسلم الأبناء للمبتز، ولما لجئوا لغير الأهل لحل مآسيهم.
فقد أصبحت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقوم بهذا الدور بدلاً من الأهل المخفقين في أداء دورهم، فهل أصبحت الهيئة التي يكيل لها البعض الاتهامات بقسوتها، هي التي تحل مشاكل الأبناء عوضا عن أهاليهم؟! علما أن هناك العديد من المراهقين والمراهقات لا يعرفون كيف يتواصلون مع الهيئة أو غيرها، أي انهم مازالوا (في المصيدة)، والأهل في غفوتهم يعمهون!
إضافة للأطفال الأبرياء الذين يقعون ضحية (التحرش الجنسي) ومع ذلك يخشون مصارحة أهاليهم ويدفعون ثمن إهمال الأب والأم حتى حين وصولهم للنهاية الأليمة، والقصص التي يسردها الواقع عديدة، مثل تلك القصة التي ذكرها بعض الصحف المحلية مؤخراً وتحكي نموذجاً طفولياً مأساوياً، حيث ترك الأهل طفلتهم منفردة مع السائق الأجنبي كي يذهب بها إلى المدرسة ثم يعود بها إلى المنزل، وعائلتها في سبات عميق مع أن الطفلة تبلغ من العمر عشر سنوات! والمال السائب يعلم السرقة، فبالطبع استغل الوحش الآدمي هذه الغفلة وما أكثر وجودها عند بعض حسني النوايا، أو من لا يستطيعون حمل عبء الأمانة التي عرضت على السموات والأرض فأبين أن يحملنها فحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.
والنتيجة القريبة الحتمية متوقعة سلفاً، حيث قام ذلك السفاح- وأعني به السائق- بالذهاب بالطفلة إلى شقته الذي أعطاه الثقة وكفل له الرزق، حيث عثرت الهيئة- وفقها الله تعالى - في شقة المغتصب الآثم على شريط فيديو سجل فيه جريمته الجنسية، والأدهى أنه كان معهما (طفلين آخرين) معروف ما هو دورهما بالطبع!.
فاتقوا الله في أطفالكم خاصة وأبنائكم عامة، فهم مسئوليتكم في الحياة وبعد الممات، ولو أن جميع أفراد الأسرة استخدموا فن الاحتواء بينهم لما دخل بينهم المعتدون أو المتطفلون، أو (أصدقاء السوء) الذين اكتفى بهم الأبناء تماماً عن أهلهم، وليس المقصود التضييق على الأبناء أو البنات، حيث الكبت الذي يولد الانفجار والتحدي، أو الخوف من الأهل حين حدوث مصيبة فيلجئون لمن يزيد الطين بلة فيتحول معها وحلاً مستقذراً يلطخ سمعة الأهل، ونفسيات أبنائهم إلى الأبد.
g.al.alshaikh12@gmail.com