بيروت - واس
أكد وزير التجارة والصناعة الأستاذ عبدالله بن أحمد زينل علي رضا أن المملكة ومن خلال دورها الدولي والإقليمي وعضويتها في صندوق النقد الدولي ومجموعة العشرين سوف تبذل قصارى جهدها للإسهام في حل الأزمة المالية العالمية والتخفيف منها، ولاسيما على الدول النامية، وستعمل على زيادة دورها التنموي للدول الشقيقة والصديقة.
وبيّن في كلمة ألقاها في منتدى الاقتصاد العربي السابع عشر أمس في بيروت أن المنتدى ينعقد في ظل أزمات تلقي بظلالها السلبية على اقتصاديات الدول، ويأتي في طليعة تلك الأزمات الأزمة المالية العالمية التي لم تكتمل فصولها وأحداثها. وقال زينل (هذه الأزمة أظهرت هشاشة المؤسسات المسؤولة عن مراقبة النظام المالي العالمي والتنبؤ بمشكلاته ووضع الحلول اللازمة لمعالجتها، ومع الأسف فقد كشفت هذه الأزمة أيضاً أن المنظمات الدولية كانت تراعي مصالح الدول الدائنة دون اكتراث بما يحدث من آثار اجتماعية واقتصادية وإنسانية على الدول المدينة).
وأشار إلى أن المؤشرات المبدئية عن آثار هذه الأزمة أظهرت حدوث خسائر فادحة لدى بعض الاقتصادات العربية وفقدان جزء كبير من الاستثمارات التي كانت مودعة لدى المؤسسات المالية التي أعلنت إفلاسها. وعبّر وزير التجارة عن القلق من استمرار انتشار التداعيات السلبية لهذه الأزمة وزيادتها والدخول في ركود اقتصادي عالمي طويل المدى إذا لم تتخذ الاقتصادات الكبرى الإجراءات الضرورية والصعبة وعدم التساهل مع تلك الجهات التي أسهمت إسهاماً بالغاً في تفاقم هذه الأزمة.
وأردف (أما بالنسبة لنا في العالم العربي فإنه لا بد لنا في مواجهة هذه الأزمة أن نكون أكثر تعاونا وتنسيقا؛ ما سوف يساعد على تخفيف الآثار السلبية الناجمة عنها، وذلك من خلال عدد من الإجراءات).
وأوضح وزير التجارة والصناعة أن من بين هذه الإجراءات زيادة التجارة والاستثمار بين الدول العربية من خلال المبادرة فوراً في تفعيل الآليات القائمة والسعي الجاد لتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي اكتملت عام 2005م وتذليل ما يعتري التجارة بين دولنا من معوقات وصعوبات وتفعيل المؤسسات المالية العربية والإسلامية من خلال زيادة رؤوس أموال صناديق التمويل وتوسيع أنشطتها وتوفير التقنيات الملائمة التي تتطلبها، وتسهيل الصادرات العربية وزيادتها من مستوى (785) مليار دولار عام 2007م وتمثل (5.7%) من إجمالي الصادرات العالمية وزيادة الصادرات بين الدول العربية من مستواها الحالي (65) مليار دولار التي منها نحو (31) مليار دولار تمثل (48%) صادرات سعودية.
وتابع زينل (نظراً إلى أن الاقتصاد المعرفي أصبح اليوم من أساسيات الاقتصاديات الحديثة، التي توظف فيها التكنولوجيا الحديثة لخدمة الحركة التجارية في العالم؛ فإنه يجب على الدول العربية أن تسعى بجد واجتهاد للتحول الحثيث إلى الاقتصاد المعرفي. والأهم من ذلك كله مقاومة اللجوء إلى ثقافة الحماية).
وأشار الأستاذ عبدالله بن أحمد زينل علي رضا إلى أنه وإلى جانب الاهتمام بالتجارة بين الدول العربية يأتي الاهتمام بالاستثمار والعمل على إيجاد بيئة استثمارية ملائمة من خلال الاهتمام بعدة أسس. ورأى أن من أهم هذه الأسس تطوير الأنظمة والتشريعات لتكون أكثر صداقة للمستثمر وتبسيط إجراءات التقاضي والتحكيم وتدعيم الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص، واستقطاب المدخرات المحلية لدعم نجاح السياسة الاقتصادية من خلال إصدار وتطوير الأنظمة والقرارات التي تصب في صالح جلب المزيد من الاستثمارات. وقال زينل (إن الخلافات بين الدول العربية تعتبر أحد الجوانب التي لها تأثير سلبي بالغ على دفع مسيرة العمل التجاري العربي المشترك، وما مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - للمصالحة العربية التي أطلقها في قمة الكويت الاقتصادية ثم أتبعها بقمة الرياض التصالحية ثم توجها - حفظه الله - بمبادرات المصالحة في قمة الدوحة قبل أيام قصيرة إلا دليل على إيمانه الصادق بأهمية تنقية الأجواء العربية للوصول إلى التكامل الاقتصادي المشترك). وأضاف (ولمواصلة سياسة المملكة في خدمة الصالح العربي والتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية عليها وباعتبارها الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين فإنها سوف تسعى لدعم تبني خطة للخروج من الأزمة). وأشار إلى أنه وتحقيقاً للرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي بأن يصبح عام 2025م متنوعاً ومزدهراً يقوده القطاع الخاص ويوفر فرص عمل مجزية وتعليماً عالي الجودة وعناية صحية فائقة وحماية القيم الإسلامية وتراث المملكة قامت المملكة العربية السعودية بخطوات عديدة ومتسارعة لتعزيز مكانتها الاقتصادية. وأوضح وزير التجارة أن من أهم هذه الخطوات إصدار وتعديل العديد من الأنظمة واللوائح التنفيذية ذات الارتباط بالتجارة والاقتصاد، التي تجعلها أكثر صداقة للمستثمر وإحداث ودمج وإلغاء العديد من الأجهزة الحكومية وتبسيط إجراءات الأعمال ودعم القطاع الخاص وتسهيل كافة العقبات التي تحول دون اندماجه في النظام العالمي الجديد.وأضاف (لقد كان لهذه الإصلاحات الاقتصادية دورها البارز في نمو التبادل التجاري بين المملكة ودول العالم؛ حيث بلغت قيمة التجارة البينية بين المملكة العربية السعودية ودول العالم عام 2007م ما مجموعه (323.3) مليار دولار، وتمثل قيمة الصادرات السعودية (233) مليار دولار، وترجمة لهذا الجهد في مجال الاستثمار فقد حازت المملكة بفضل من الله ثقة المستثمرين من مختلف دول العالم حتى صنفها تقرير البنك الدولي الصادر في شهر سبتمبر 2008م كأفضل دولة بين جميع دول الشرق الأوسط من حيث تنافسية بيئة الأعمال ووضعها في المركز السادس عشر على مستوى العالم من بين (181) دولة، ومما يدل على ذلك أن إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى المملكة خلال العام 2007م بلغ نحو (91) ملياراً بنسبة زيادة (33%) عن العام 2006م).
وتوقع زينل أن تلعب الصناعات الوطنية دوراً بارزاً في علاقة المملكة مع الدول الأخرى وذلك بعد أن تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للصناعة من قبل مجلس الوزراء لإحداث نقلة نوعية في القطاع الصناعي، وذلك من خلال تبني رؤية وطنية لتكون الصناعة الوطنية منافسة عالمياً وتقوم على الإبداع والابتكار وأداة أساس في تحويل الموارد الوطنية إلى ثروة مكتسبة مستدامة. ولفت إلى أن الاستراتيجية تهدف إلى مضاعفة مساهمة القطاع الصناعي في إجمالي الناتج المحلي إلى 20% كحد أدنى بنهاية 2020م؛ ما سيمثل مضاعفة للقاعدة الصناعية في المملكة ثلاث مرات على ما هو قائم الآن. ويقوم تنفيذ هذه الاستراتيجية على مبدأ الشراكة الفاعلة بين الجهات الحكومية ذات العلاقة بالصناعة والقطاع الخاص وصولاً للهدف المنشود وهو تنويع القاعدة الصناعية.
وكان دولة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة قد افتتح أمس في بيروت أعمال منتدى الاقتصاد العربي في دورته السابعة عشرة.
وحضر حفل الافتتاح وزير التجارة والصناعة الأستاذ عبدالله بن أحمد زينل علي رضا ورئيس الوزراء الأردني المهندس نادر الذهبي والقائم بأعمال سفارة خادم الحرمين الشريفين في لبنان الأستاذ عادل بن عبدالرحمن بخش ورئيس كتلة تيار المستقبل اللبناني النائب سعد الحريري وعدد من وزراء المال والاقتصاد والاستثمار العرب ومحافظي بنوك عربية ومسؤولين كبار من صندوق النقد الدولي ومؤسسة التمويل الدولية.