تتواصل الفعاليات التشكيلية التي تتلمس الجمال كمنجز بصري يحظى بالمتابعة من قِبل المتلقي، وهي بلا شك أصبحت معطيات متعددة ومتلاحقة هنا وهناك، ديدنها الاهتمام بالجمال والمساهمة في رفع الذائقة الجمالية، وقبل هذا وذاك تواصل الفنان نفسه مع منجزاته على المستوى الشخصي وطرح كل ما لديه وفق تصورات جديدة تساعده على التطور ومواصلة التجربة، إضافة إلى سماع الرأي والرأي الآخر، إلا أن المعرض التشكيلي الذي أقامته مشكورة لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم في منطقة الرياض مساء يوم السبت الماضي في مركز الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي بالرياض جاء وفق معطيات متعددة وجاء كشاهد لعمق وتماسك اللحمة الوطنية لهذا الوطن المعطاء وتأكيدها على الجوانب الإنسانية؛ فمعرض بهذا الحجم وهذا الاحتفاء الكبير سواء على المستوى الرسمي أو الإعلامي هو بلا شك جدير بذلك، خاصة أنه جاء يحمل الصفة الخيرية التكافلية لفئة من أبناء المجتمع وأسرهم قدرت ظروفهم أن يصلوا إلى مثل هذا الحال..
الشيء الأجمل هو تفضُّل صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل بن فهد نائب الرئيس العام لرعاية الشباب بافتتاح هذا المعرض واقتناء سموه كل الأعمال المعروضة سواء من نتاج المساجين أنفسهم أو أسرهم أو الأعمال التي شارك بها نخبة من التشكيليين السعوديين تضامناً مع هذه الفئة. أقول إن تشريف سمو الأمير نواف لهذا العمل الخيري هو مؤشر إيجابي كبير لما يتصف به سموه الكريم من حب للأعمال الخيرية والمساهمة في دعمها ورعايتها، ولا غرابة في ذلك؛ فسموه نجل الأمير الراحل (فيصل بن فهد) الإنسان المسكون بحب الخير والمساعدة وإغاثة الملهوف. إن تفضل سموه الكريم باقتناء كافة الأعمال المعروضة التي تجاوزت المائة وثلاثين عملاً، وذلك من حساب سموه الشخصي، هو الآخر مبادرة إنسانية رائعة من أمير الخير، وهو بلا شك رسالة لكل القادرين والموسرين للمساهمة في مثل هذه الفعاليات التي تؤكد عمق التلاحم وقوة الروابط الاجتماعية والإنسانية التي تميز بها أبناء هذا الوطن الكريم. فمن المؤكد أن مثل هذه الفئة من الناس من الذين أوصلتهم الظروف إلى مثل هذه الحالة وهذا الوضع، هم وأسرهم بحاجة ماسة إلى الوقوف معهم ومساندتهم في كل الأحوال؛ حتى يتمكنوا بفضل الله ثم بفضل هذا الدعم والمساندة والرعاية من العيش بكرامة وعزة نفس وتجاوز هذا الوضع، وليس غريباً على هذا الأمير النبيل تبني معرض بأكمله والمبادرة إلى اقتناء كامل معروضاته؛ فسموه الكريم حريص على مثل هذه المبادرات والشواهد الإنسانية النبيلة.
تحية كبيرة للأمير الإنسان نواف بن فيصل بن فهد على وقوفه مع هذه الفئة وتبنيه لمثل هذه المعطيات الخيّرة، والشكر موصول للجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمنطقة الرياض على مثل هذه الفعاليات والمناشط الهادفة.. والشكر أيضاً لصالة مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية ممثلة في مديرها النشط الأستاذ محمد المنيف الذي كان المحرك الفاعل في هذه الأمسية الجميلة.