العالم يعيش حالياً أسوأ حالاته الاقتصادية منذ ثمانين عاماً، أي منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي. ولغة الأرقام لا تحابي أحداً، فوفقاً لتوقعات البنك الدولي فإن الاقتصاد العالمي سينكمش هذا العام بنسبة 1.7%، مما سيعمل على تراجع التجارة العالمية بنسبة 9%. أما الدول النامية فسيهبط معدل النمو الاقتصادي فيها إلى 2.1% بعد أن كانت قد وصلت في العام الماضي إلى 5.8%، أي سيهبط إلى أكثر من النصف!، ولا شك أن ذلك يؤثر سلباً على الاستقرار السياسي والاجتماعي في هذه الدول وبخاصة مع ارتفاع معدل البطالة المتوقع!.
إذن؛ نحن أمام أزمة لن تكون اقتصادية فحسب، ولكن ستشمل الوضع السياسي والاجتماعي والأمني، ولذلك، كان لابد من تحرك دولي عاجل من أجل إعداد ما يمكن أن نسميه خريطة طريق اقتصادية. وإن كانت قمة العشرين الأولى التي انعقدت في واشنطن في نوفمبر الماضي تعتبر قمة تشخيصية للمشكلة، وطرح وصفات أولية للحل، فإن قمة العشرين الثانية في لندن والتي تعقد اليوم يجب أن تحدد بوضوح تام الإجراءات والخطوات القادمة ودور كل دولة أو منطقة في حل الأزمة.
وهذه الإجراءات المتوقعة يجب أن تسهم في إعادة الثقة في الاقتصاد العالمي عبر استهداف إصلاح الهياكل والأنظمة الاقتصادية العالمية، من أجل حل الأزمة من جذورها، وليس تخفيف آثارها فحسب!. وهذا ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين في قمة واشنطن. كما إنه يجب على كل الدول أن تتعامل مع الأزمة من منظور جماعي تعاوني، وليس من منظر حمائي ضيق، لأن الكارثة تصيب الجميع!.
إذن، نحن أمام تسونامي اقتصادي انطلقت أولى موجاته في الولايات المتحدة بسبب أزمة الرهن العقاري، وأخذت هذه الموجات تضرب كل السواحل الاقتصادية العالمية ولم تستثن بلداً إلا من رحم الله. ولذلك لا نظن أن قمة لندن ستكون آخر اللقاءات في هذا الصدد، وإنما يتحتم عقد لقاءات قمة أخرى لمراقبة الوضع، ومتابعة ما تم إنجازه وتحديد نتائجه، لأن الأزمة فعلا تتطلب ذلك.