حكومة الظل مصطلح سياسي يشير إلى حكومة تتوارى عن الواجهة وتقبع في الظلال، لكن لها تأثيرا ونفوذا في العديد من الجهات والمؤسسات، على سبيل المثال وفي الدول الديمقراطية تكون موجودة لكن غير مشاركة في الحكومة التنفيذية، مثل الحزب الجمهوري الآن بعدما حكم الديمقراطيون في الولايات المتحدة، أو حزب العمال مقابل المحافظين في بريطانيا، بالطبع هذا التواجد المتواري الغامض يأخذ شكل المعارضة المتقاطعة مع برامج وأهداف الدولة، بل يسعى إلى عملية إحلال لبرامجه وأهدافه واقتناص أي فرصة للوصول إلى السلطة.
فهل لدينا على المستوى المحلي حكومة ظل؟ من خلال العديد من المواقف والأساليب والأنظمة التي تتقاطع مع هوية المرحلة الحالية التي تأخذ من الإصلاح والانتماء للعصر شعاراً لها، فهل تبلورت لدينا حكومة ظل؟
الدولة تمخر عباب بحر صعب وغامض الخرائط، متخذة شعار التعايش والتجاور والتسامح العالمي، ولكن في بعض الأركان المظلمة، نجد تفشي أمراض بدائية من المناطقية والمذهبية والعشائرية، التي تصل إلى التكفير والإقصاء وهدم البيوت فوق رؤوس أصحابها.. نتيجة لعدم تكافؤ النسب!
في التعليم هناك لوبي غامض بلا ملامح محددة، ولكن يقف بحرص ويقظة حريصا على منع تمرير أي برنامج لتطوير التعليم كفكرة وكفلسفة وكمركبة ستأخذ المكان إلى المستقبل، يرفض تعليم اللغات كمفاتيح لاكتشاف العالم، يرفض ربط المعرفة بتيارها العالمي الهادر، وبالتالي يرفض أن يكون التعليم تأهيلا وتدريبا لسوق عمل متطلب وشديد التنافس.
بالنسبة لعمل المرأة تبلغ نسبة البطالة بين النساء معدلات عالية، ينتج عنها هدر اقتصادي كبير مقارنة بين المدخلات التي تستهدف تعليم وتدريب النساء،، وبين الواقع الذي يحجبهن عن الإنتاجية والعطاء من خلال إقصائهن عن الوظائف التي تتلاءم وتستثمر قدراتهن، وإقصائهن عن الكثير من فرص العمل المتاحة للأجانب، حتى يصل الأمر إلى حجبهن عن أبسط حقوقهن المتمثلة في التنقل في المدينة من خلال قيادة مركبتهن الخاصة.
الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رجل علم ودين مستنير، قدم واجهة مشرقة للمكان في الكثير من المحافل الدولية، لكن ما يكابده من حكومة الظل عجيب، فما زال بعض الأفراد من الهيئة يختطفون الناس من الشوارع تبعا للظن والشبهة، وما برحوا ينقضون على البشر، تبعا لاجتهادات وتفسيرات خاصة (بأسود الهيئة) المتحمسين الذين يستضعفون النساء فيصدمون سياراتهن، ويجرونهن من شعورهن، يلاحقون الناس في الأماكن العامة ويقبضون عليهم بدعوى الريبة أو الاختلاط!! بعد كل هذا إذا كان لديهم شاغر من الوقت استثمروه في تمزيق الملابس ذات الصور أو العباءات المزخرفة، أو أي من قائمة التهم التي تكون في خيال مريض بالوسواس القهري والريبة من الآخرين.
حكومة الظل يكون لها عادة أجندتها الخاصة، وبرنامجها السياسي ببنود متعددة، التي تحاول تمريره بشتى السبل، وتظل في حالة كمون ويقظة، متحينة أقرب الفرص للوصول إلى السلطة ومواطن صناعة القرار.
