قالوا عنا إنِّا لا نقرأ: نعم، قد يكون هذا صحيحاً بنسبة معقولة ليس إلا، فالمؤشرات المسجلة من معرض الكتاب الأخير بالرياض تقول العكس، غير أن المتأمل في شغفنا وحبنا للقراءة والاطلاع وعجزنا أحياناً كثيرة عن الاستمرار فيها يجد أن هناك جملة من الأسباب، منها أن الأجواء هنا في معظم مناطق المملكة قد لا تشجع على الجلوس في الحدائق للقراءة نظراً لطبيعة المناخ صيفاً وشتاء، أما المنازل ففيها متسع أرحب وخصوصية أنسب لكنها لا تخلو من بعض عوارض قطع الأفكار وانسيابية متعة الاطلاع.. على أن هذه الفرص المنزلية تقتنص اقتناصاً بسبب كثرة المشاغل وطول أوقات مشاوير التنقلات داخل المدن الكبرى، وما يصاحبها من شرود الذهن وعزوف النفس بعد العودة عن القراءة, ويلومنا بعض أهل الغرب في هذا الشأن إلا أنهم قد لا يتفهمون ترابطنا الاجتماعي ولزومنا المساجد، واهتمامنا بذوينا من كبار السن ورعايتنا صغارنا في كل شؤونهم، فيما هم يتركون ذلك للجمعيات والمصحات ودور الرعاية، ثم إن أبناءهم وبناتهم يمضون لشأنهم دون الحاجة إلى مرافقتهم، والأمر هنا مختلف فنحن قوم نصون النساء كثيراً ونتعهدهن بالحماية والإكرام، فلا نقبل تحميلهن شؤون المنزل مع شؤونهن الخاصة، فنحن دائماً نرافق المرأة ونعينها ونتولى إيصالها للأسواق والعودة بها معززة بقدر ما نستطيع في هذا الجانب، ومن عجز يوفر لها الخدمة لكن ليس كما عند الغرب مما يتيح لهم وقتا أطول للقراءة والفسحة كل بمفرده، إذن لو قايسنا ووازنا وقارنا بيننا وبينهم فلربما كنا أكثر حبا للقراءة وميلاً للمعرفة.