مرّ ت المملكة العربية السعودية خاصة في السنوات السبع الماضية بظروف أمنية وسياسية وفكرية صعبة، ولولا الله عزّ وجل ثم يقظة ولاة الأمر لما يدار ويحاك في جنح الظلام، وكذا تكاتف الجهود بين القيادة والشعب، والوقوف بحزم من قِبل صاحب القرار إزاء كل فتنة تطل برأسها، ودعاء المسلمين الصادقين في علاقتهم بالله وحبهم لهذا الوطن (قيادة وأرضاً وشعباً)، لولا ذلك كله لعصفت تلك الأزمة الجارحة المؤلمة بمقدرات هذه البلاد وزعزعت أمنه وأفسدت فكره، والقارئ للأوضاع المتأمل في الحال الداخلي للمملكة العربية السعودية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى الآن، سيتوقف جزماً عند وزارة الداخلية ممثلة أولاً بصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو نائبه وسمو المساعد، ومن خلفهم منسوبو هذا القطاع في كل شبر على أرض الوطن المعطاء ، ومن أقوى أسباب التوقف عند شخصية سمو وزير الداخلية على وجه الخصوص، لأنّ سموه - رعاه الله - خرج بالوزارة من دائرة الوظيفة الواحدة لتمارس ولتباشر عدّة وظائف، لعل أبرزها وأهمها على الإطلاق بعد الوظيفة الأمنية الأساس (الوظيفة العقدية)، وخلف قيام الداخلية بهذه المهمة الشاقة أسباب عدّة أهمها بإيجاز:
* الارتباط القوي الذي أظهرته هذه الظروف الصعبة بين الوظيفة الأمنية المعروفة والوظيفة العقدية وكذا الفكرية والحضارية والسياسية و ...
* الاختراق الفعلي - وللأسف الشديد - لبعض مؤسسات الدولة التي يقع عليها عبء مباشرة الوظيفة العقدية ولو من بعيد، خاصة من قِبل المتطرفين سواء المنخرطين في سلك التنظيمات والخلايا الإرهابية أو حتى المتعاطفين معهم المهادنين لهم والساكتين عن منكراتهم وأخطائهم الشنيعة والخطيرة.
* ضعف بعض المؤسسات والدوائر الحكومية المناط بها القيام بالوظيفة العقدية الداخلية سواء تنظيماً أو مهارياً أو معرفياً أو تكتيكياً وإستراتيجياً.
* تعدّد وتلوّن وتنوّع الفرق والتيارات التي تهدف في النهاية إلى زعزعة القناعات العقدية لدى المواطن السعودي، بل واختلاف وسائل وأساليب هذه الفرق والتيارات وممارسة البعض منها في الظاهر ما هو خلاف الحقيقة التي هم عليها، وعلى سبيل المثال هناك الخوارج الإرهابيون الذين يسعون لتوظيف الدين من أجل استقطاب الأنصار والموتورين، وهناك زمرة المنافقين الذين يطالبون بالتغيير والتطوير الذي جاوز المقتنيات المادية والأطر الحضارية، ليصل إلى المسلّمات العقدية والقضايا الفقهية والعادات والتقاليد .. وهناك الذين يمارسون الضغوط العقدية ويدعون أنهم الأحق والأقرب لنيل شرف خدمة البيت والقيام على رعايته وتطهيره، وبين هذا وذاك هناك الصعاليك الذين ينعقون مع كل ناعق ويقولون بلا وعي ولا ضابط ولا همّ لهم سوى زعزعة الأمن وإفساد عقائد الناس ومسلّماتهم عن علم منهم أو جهل، وعدم معرفة ودراية بخطورة الأمر وشدة المرحلة ، والكل مدعوم في الغالب من قوى خارجية تتمنى النّيل من هذه البلاد وزعزعة كيانه وخلخلة لبناته، علّه أن يهتز فتعصف به رياح التغيير، وتفسده فلول الغلاة والمتطرفين، أو المنافقين المرجفين أو غيرهم، وليس هذا بسر ولا هو جديد، فقد اعترف به البعض من المنتمين لهذه الصف أو ذاك من صفوف المفسدين في الأرض الطامحين لتقويض بناء هذا الوطن المعطاء، ولقد مارست وزارة الداخلية وظيفتها العقدية من خلال محاور عدّة وبأساليب مختلفة أترك الحديث عنها لمقال آخر بإذن الله .. إنني إذ أبارك لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز تسنُّمه منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، أسجل بكل تقدير وحب وإجلال دوره الرائع والرائد في التصدي لكل من سوّلت له نفسه النّيل من عقيدة أهل هذه البلاد (العقيدة السلفية الصحيحة)، فضلاً عمّن أراد زعزعة الأمن وترويع الآمنين المطمئنين على أرض هذا الوطن المعطاء، وأسأل الله عزّ وجل أن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما أسأله سبحانه وتعالى أن يعيد لنا وليّ عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وهو ينعم بثوب الصحة والسلامة والعافية، وأن يعين النائب الثاني على ما وسّد له، وأن يوفّق الجميع لما يحب ويرضى ودمت عزيزاً يا وطني والسلام.