Al Jazirah NewsPaper Monday  30/03/2009 G Issue 13332
الأثنين 03 ربيع الثاني 1430   العدد  13332
لما هو آت
لغة طارئة...!
د. خيرية إبراهيم السقاف

 

القراءة الطارئة تأتي للموضوعات الطارئة، ولا يتعين لكتابتها أديب مبدع، ولا لغة جزلة، ولا تنميق تعبيري أخاذ، بل لمقتضاها يقتضي الموقف الكتابة لمجرد عرض الفكرة، والكشف عن الموقف، والإنباء عن الحدث، والدوران فيما يتوجه إليه عامة الناس وخاصتهم ممن لهم علاقات بموضوعاتها، أو تقع عليهم نتائجها، أو يؤخذ بآرائهم فيها، وهي بحسب الوسيلة الناقلة تأخذ أسلوبها، فالكتابة للصحيفة تختلف عنها للتلفاز أو المذياع، وإن يشترط الإيضاح والتركيز على المضمون، ويبدو أنه زمن الطوارئ، لذلك طرأت أساليب الكتابة الطارئة تلك التي تحللت من قوامات التعبير باللغة السليمة الصحيحة البليغة الموحية..

وذهب الناس يكتبون لأن الكتابة أصبحت أيسر الأعمال، وأقربها لمتناول القلم وفضاء القرطاس، لا تتطلب جهدا نفسيا ولا استلهاما خياليا، ولا توظيفا أبجديا يراعي تكوين لغة جاذبة بجمالها وإبلاغها وأسلوب صياغتها، فبينما كان أصحاب اللسان العربي يعتنون كثيرا بلغتهم وهم يكتبون في الفنون أو الرياضيات، في الأنواء أو الآداب، في الفلسفة أو الإخوانيات، في الإنسان أو الكائنات الأخرى، في الفكر أو الوجدان، في المداعبات والطرائف والأمثال، أو الحكم والتأريخ والرحلات، ولا يرتضون بغير لغة جميلة قويمة قادرة على مساواة أو التفوق على موضوعاتها، وجعلها محور التفات بجاذبية ماعونها، لكن الطوارئ في زمن الطوارئ جاء على كل جميل بما فيه اللغة التي يعبر بها المرء عما يدور في ملكوت ما حوله، متسارعا في تشكيل كلماته وجمله بمثل ما هو متسارع في إعداد وجبة عاجلة على صفيح ساخن من المايكرويف.. فكما غدا هذا الإعداد السريع مواكبا للزمن، مناسبا لحاجة تناولها فيه، غدت الكتابة مناسبة للقراءة في زمن العجلة الطارئة..!




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد