الدوحة - موفد «الجزيرة» - سعد العجيبان
يبدأ أصحاب الجلالة والفخامة والسمو اليوم في الدوحة أعمال القمة العربية في دورتها الـ 21 بحضور 13 زعيماً عربياً، في جدول أعمال حافل بعدد من القضايا الهامة، في مقدمتها المصالحة العربية والقضية الفلسطينية والوضع في السودان والعراق والصومال. ومن المقرر أن يعقد القادة جلسة عمل خاصة تتناول عدداً من الملفات العالقة، تتمحور في مجملها حول المصالحة العربية والقضايا الملحّة.
ويتوقع المراقبون أن تكون قمة الدوحة علامة فارقة في مسيرة العمل العربي المشترك، خاصة وأن قادة العرب أبدوا حرصاً على بداية مسيرة من العمل الجاد الذي يرتفع إلى مستوى تطلعات شعوبهم في مجابهة التحديات التي تحيط بهم من كل جانب.
الاختراق الحقيقي للقضايا الشائكة
من الممكن أن تحقق قمة الدوحة اليوم اختراقاً حقيقياً للقضايا الشائكة، وذلك ليس بالمستحيل لكنه يتطلب مزيداً من الشفافية العربية ومزيداً من التركيز على الملفات الملحة العاجلة، فالجميع لا يرغب أن تخرج القمة في النهاية بمجموعة قرارات واقتراحات صماء، فهذا لا يحتاجه واقع العرب الحالي المتخم بعشرات المشاكل والتحديات الرئيسية والطارئة، كتحدي الأزمة المالية العالمية ووصول حكومة إسرائيلية متطرفة وقضية المصالحة العربية وقضية البشير، فمن هنا يحرص القادة العرب خلال اجتماعاتهم المقبلة أن يكونوا على مستوى التحديات والآمال المعقودة عليهم.
المصالحة العربية
وتبرز في صدارة الملفات التي سيناقشها القادة العرب اليوم، تحقيق المصالحة العربية التي تبنّاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت، لما فيها من حل لكل أزمات العرب الراهنة، والتي تشكل قلقاً للجميع وتقتضي أفعالاً وقرارات واضحة للخروج منها بنتائج إيجابية رغم صعوبتها وتعقيداتها. ومن المؤكد أنّ العمل العربي المشترك هو الهدف الأكثر أهمية الذي يسعى إليه الجميع، وذلك لن يتحقق إلاّ من خلال توافق عربي وإجماع على أهمية مواجهة القضايا والأزمات التي يواجهها العالم العربي بموقف موحد، من خلال تحويل أجواء الارتياح التي سادت اجتماعات اجتماعات المجلس الوزاري العربي السبت الماضي، والتي توصلت إلى مشاريع قرارات يناقشها القادة إلى قرارات ملزمة لجميع الدول العربية، بحيث تكون قمة الدوحة قمة الإنجازات والقرارات. فلذلك فإنّ قمة الدوحة تحتاج من جميع العرب المصارحة والمكاشفة، باعتبار أنّ الظروف التي تمر بها الأمة العربية، تقتضي أن يكون القادة على قدر التحدي والمسؤولية. وذلك لن يتحقق إلاّ بالعمل من أجل وحدة الصف والأهداف، خاصة أن الجميع يدرك أن التحديات كبيرة والمخاطر كثيرة ومتشعبة، ولذلك فإنّ الشعوب العربية تنتظر من قادتها أن تكون قمة الدوحة قمة أقوال مقرونة بالأفعال الصريحة والواضحة.
تحديات المرحلة
إنّ مشاريع القرارات التي توصل إليها المجلس الوزاري والتي سيتم عرضها على القادة لمناقشتها تشكل مطالب عربية واضحة، لأنها تتعلق بتحديات المرحلة خاصة فيما يتعلق بمبادرة المصالحة العربية ومواجهة مذكرة المحكمة الدولية التي أصدرتها ضد الرئيس السوداني، إضافة إلى وضع فلسطين والصومال. وجميع هذه الأمور تتطلّب موقفاً جماعياً عربياً لتتحول تلك القرارات إلى التزامات واضحة تلتزم بها كل الدول العربية.
الملف الفلسطيني
التطور الأهم في المشهد الفلسطيني خلال المسافة بين قمتي دمشق والدوحة، تمثل في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وهو الذي سيفرض على قمة الدوحة بلورة استراتيجية موحدة للتعامل مع آثاره السلبية من تخريب وتدمير للبنية التحتية في القطاع، عبر خطة عمل تتكامل مع الجهود الدولية.
ويتصل بهذا السياق المسألة الخاصة بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين خلال العدوان على غزة وهي مسألة ليست جديدة، فالقمم العربية منذ عام 2000 وحتى آخر قمة في العام الماضي، أصدرت قرارات عديدة بضرورة محاكمة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ومع ذلك لم تتقدم دولة عربية خاصة الدول الأعضاء في المحكمة الدولية بأي طلب أو دعوى رسمية لمحاكمة مجرمي الحرب، ولم تقم أي دولة عربية بجهود لتوثيق هذه النوعية من الجرائم ومتابعة عرضها على المحاكم الدولية.
الحكومة الإسرائيلية المتطرفة
ومبادرة السلام
ولن يغيب عن أنظار القادة العرب في قمتهم، التحدي الخاص بوصول حكومة يمينية متطرفة إلى السلطة في إسرائيل، وهو الأمر الذي سيفرض تغييراً في قواعد اللعبة، خاصة فيما يتعلق بالمفاوضات في إطار مواقف تلك الحكومة اليمينية التي لا تخفي عداءها للعرب وللفلسطينيين ، الأمر الذي قد لا يشجع قمة الدوحة على اتخاذ موقف قاطع فيما يتعلق بتأييد مبادرة السلام العربية التي ظلّت بنداً ثابتاً في القمم العربية منذ قمة بيروت عام 2002م.
حضور البشير ودارفور
بلغت قضية دارفور ذروتها بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الأمر الذي يفرض على قمة الدوحة تحدياً من نوع خاص وقد وصل أمس البشير الدوحة للمشاركة في القمة العربية، رغم التهديدات التي أطلقها المدعي العام للمحكمة باعتقال البشير لحظة خروجه من المجال الجوي لبلاده، ورغم الفتوى التي أصدرتها هيئة علماء السودان بتحريم سفر الرئيس إلى الخارج، فضلاً عن التظاهرات الشعبية التي طالبت بعدم توجهه إلى الدوحة. وستكون قضية دافور، مطروحة بقوة في أجندة قمة الدوحة، خاصة وأن قطر باشرت دوراً نشطاً باتجاه احتواء القضية، منذ أن تم تكليفها من قبل الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي برعاية جهود المصالحة في هذا الإقليم المستعر.
الملف العراقي
وسيفرض الملف العراقي نفسه على قمة الدوحة، خاصة بعد التطورات الأخيرة المتعلقة بقرب الانسحاب الأمريكي وخطوات المصالحة الوطنية، في ضوء تقرير يقدمه الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى عن آخر التطورات في العراق، على ضوء الزيارة التي قام بها لبغداد في منتصف الشهر الحالي.
الرؤى العربية تجاه إيران
كما لن تغيب إيران عن أجندة القمة سواء فيما يتصل بتباين الرؤى العربية تجاه تصاعد دورها في المنطقة، أو فيما يتعلق بملفها النووي خاصة في ظل التطور الإيجابي الذي يبدو أنه يطرق أبواب العلاقات الأمريكية الإيرانية الأمريكية، إثر سعي الأخيرة إلى الحوار المباشر مدعوماً في ذلك بتأييد أوروبي واضح، وهو أمر سينعكس بالضرورة على المواقف العربية تجاه طهران.
قمة شائكة بالتساؤلات
هل تنجح القمة العربية في الدوحة في وضع حد للخلافات العربية القائمة، وتشكل بداية جدية للعمل المشترك ... أم أنّ الخلافات الحالية ستكون عائقاً؟ .. كيف يمكن تحييد القوة الإيرانية لصالح القضايا العربية؟ .. ما الذي ينتظر من الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية على صعيد القضايا العربية؟ .. هل يشكل حضور البشير للقمة قلقاً عربياً ، أم يخلق قوة في مواقفهم؟ ... أسئلة شائكة عديدة .. تكشف إجاباتها قمة التحدي في الدوحة اليوم.