حوار-روضة الجيزاني:
أعلن الملحق الصحفي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية في المملكة السيد جون موران أن اتفاقاً سعودياً - أمريكياً أبرم لتوفير تأشيرية أمريكية صالحة لمدة خمس سنوات للسعوديين، مشيراً إلى منح أكثر من 46.000 تأشيرة عام 2008م فقط.
وأوضح الدبلوماسي الأمريكي في حديث ل(الجزيرة).. أن الأمريكيين والسعوديين لديهم قواسم كثيرة مشتركة أكثر مما يدركه عامة كل منهم.
وقال: (إن السعوديين لا يفارقهم أبداً تهذيبهم ولطفهم عندما ألتقي بهم).
الملحق الصحفي الأمريكي تحدث لـ(الجزيرة) عن العلاقة المشتركة وتطور الإعلام السعودي وقضايا أخرى.
في البداية قال الدبلوماسي جون موران: من دواعي سروري أن أعود إلى المملكة مرة أخرى. فقد عملت هنا بصحبة أسرتي في التسعينيات، عندما كنت أشغل منصب مستشار الشؤون العامة في جدة، وتمنينا دائما العودة للمملكة. أعمل حاليا ملحقا صحافيا في السفارة الأمريكية في الرياض لهذا العام، ولكن في هذا الصيف سأصبح المستشار للشؤون العامة، وهو منصب يندرج تحت مسؤولياته العلاقات الصحفية والثقافية والتعليمية، وآمل أن أبقى في ذلك المنصب هنا لعدة سنوات.
* وكيف تنظر للعلاقات القائمة بين البلدين ومسيرتها؟
- أعتقد أن الأمريكيين والسعوديين لديهم قواسم كثيرة مشتركة أكثر مما يدركه عامة كل منهم. وعلى الرغم من التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، فإن معظم الأمريكيين يميلون نحو أسلوب حياة بسيطة وهادئة تحتفل بالقيم الأسرية، وانطباعي أن السعوديين هم أيضا كذلك. الثقافة السعودية تشدد علي فضائل الصدق والصراحة في القول ونحن أيضا كذلك. تنقلت في بلدان كان علي أن أستمع فيه لنصف ساعة لشخص يسمعني في ظاهر قوله نعم وفي حقيقته أمره يعني غير ذلك تماما، أو في بلدان فيها مراسم البرتوكول أهم من الناس. السعوديون لا يفارقهم أبدا تهذيبهم ولطفهم عندما ألتقي بهم، وهم يقولون ما يعنونه تماما. وأنا أقدر ذلك كثيراً.
وهناك سبب شخصي آخر لرغبتي العمل هنا. أصبحت معاقا عندما كنت أعمل في السفارة الأمريكية في المغرب، وذلك في أواخر الثمانينيات. وقضيت سنوات في المستشفيات أتدرب على المشي واستخدام يدي مرة أخرى. وأستعين حالياً في تحركي بعكازين ودعائم خاصة للقدم. إلا أن في كل دول العالم التي تنقلت فيها، بما فيها الولايات المتحدة وأوربا وآسيا، لم يعاملني شعب بمثل هذا العطف واللطف والاحترام تجاه إعاقتي مثل السعوديين. ولا أقول ذلك لغرض علاقات عامة أو مجاملة دبلوماسية بل هي حقيقة بسيطة توصلت إليها من تجربتي الذاتية طوال العشرين سنة الماضية. عندما أكون في المطار، يسألني دائما موظفو التذاكر السعوديون إذا كنت أحتاج إلى كرسي متحرك، ومضيفو الطيران السعوديون في الخطوط السعودية يبذلون كل ما في وسعهم لمساعدتي. وفي الأسواق والبقالات، السعوديون هم الذين يسألونني إذا كنت في حاجة للمساعدة. عندما اجتمعت مع رئيس تحرير صحيفة سعودية مؤخراً، قدم لي كرسي مكتبه الخاص لأن كراسي جلوس مكتبه كانت منخفضة جداً ولا أستطيع الجلوس عليها، ومسؤول كبير في وزارة الثقافة والإعلام نزل من مكتبه لمقابلتي ليجنبني مشقة صعود الدرج لأن المصعد كان تحت الصيانة. عندما تكون معاقاً مثل هذه الأعمال الإنسانية البسيطة تعني كثيراً، وللأسف هي ليست شائعة في أمكان أخرى مثل شيوعها هنا.
* إذاً.. أنت متفائل بالمستقبل؟
- بالطبع فالعلاقات السعودية الأمريكية تميزت دوماً بعلاقة خاصة تقوم على الصداقة الشخصية والثقة على أعلى المستويات. بيد أن ذلك لا يعني أن البلدين يتوافقان في كل شيء، إلا أننا نعمل معاً بإخلاص في القضايا ذات الاهتمام المشترك. وبالنسبة للأحداث الأخيرة، أستطيع أن أقول بأننا مبهورون جداً بما أنجزه الملك عبدالله من إصلاحات في التعليم وفي مجالات أخرى.
* نتساءل.. سير جون عن ورؤيتكم الإعلامية للإعلام السعودي وسبل تفعيل العلاقات الإعلامية بين البلدين؟
- الإعلام السعودي تطور كثيراً مما كان عليه عندما كنت في جدة قبل أربعة عشر عاماً. إن سرعة التغيير في الإعلام الدولي لهو أمر مدهش، والسعودية في ذلك ليست استثناء. نحن نعيش في زمن يتم فيه نقل الأحداث للعالم خلال ثوان من وقوعها، والوصول للمعلومات أصبح أمراً ميسراً. وكمكتب إعلامي للسفارة، قد يشكل الرد على الصحفيين بالسرعة التي نريدها تحدياً، ولكنا نفعل ما في وسعنا. لدينا علاقات ممتازة مع الإعلام السعودي، ونحاول أن نزوده بأكبر قدر من المعلومات التي يحتاجها منا. وفي الجانب الأمريكي، من الواضح أن الأمريكيين لديهم اهتمام كبير بالمملكة العربية السعودية أكثر مما مضى. ويزداد الاطلاع على الصحف السعودية في أمريكا باطراد عبر مواقع تلك الصحف. وفي جزء كبير منه ينحصر هذا بين أشخاص لهم اهتمام كبير بالمملكة، مثل أساتذة الشؤون الدولية والباحثين ورجال الإعلام، إلا أن هذا الاهتمام يزداد أيضاً بين المواطنين العاديين. فعلى سبيل المثال، عندما أعلن الملك عبدالله التعيينات الجديدة في مجلس الوزراء قبل أسابيع قليلة، كانت التغطية في الإعلام الأمريكي بارزة وإيجابية، وهو شيء لم نكن نراه في الماضي. ونأمل أن الإصلاحات التي أدخلها الملك عبدالله أن تحسن صورة المملكة العربية السعودية أكثر فأكثر.
* ما هي مرئياتكم حول وضعية الطلاب السعوديين المبتعثين في أمريكا؟
- هنالك عدد كبير من الطلاب السعوديين يدرسون في الولايات المتحدة اليوم أكثر من أي وقت مضى في تاريخ علاقاتنا الثنائية، ولكننا نرغب في رؤية المزيد منهم في المستقبل. ولا أود أن أتباهى بالتعليم العالي في الولايات المتحدة، ولكن علي أن أقول صراحة إنها جيدة جداً وفي رأيي يعد الطلاب للنجاح في الحياة أكثر من غيره. فالطلاب في الولايات المتحدة لا يتلقون تعليمهم بطرق غير تفاعلية وسلبية أو دراسات نظرية بحتة فقط، فهم يتدربون على التفكير النقدي والعملي. وهذا يعود أساسا إلى أنه لم يكن يوجد في الولايات المتحدة حتى القرن العشرين، إلا عدد قليل جدا من العمال والحرفيين المهرة وعدد قليل جداً من مؤسسات التعليم لتدريبهم. لم يكن النجارون لدينا يتمتعون بمهارة كافية لبناء المنازل على الأسلوب الأوربي، ولذا لزم علينا بناء بيوت بسيطة في شكل (إطار البالون) وهو أسلوب مستخدم إلى اليوم. وفي أحوال كثيرة، لم تتوفر لمحاميينا جامعات يتأهلون فيها، وبالتالي تعلموا القانون بأنفسهم. ونحن جميعاً نعرف الحكمة التي قالها الفيلسوف اليوناني أفلاطون (الحاجة أم الاختراع)، وكشعب لم يكن لديهم مؤسسات عريقة، لزم على الأمريكيين أن يكونوا عمليين جداً في التعليم، وهذه الروح ما زالت تميز نظامنا التعليمي حتى اليوم.
والدول التي ترسل أعداداً هائلة من الطلاب للدراسة في الولايات المتحدة، الهند، الصين، وكوريا الجنوبية، تفهم هذا. وقد ازداد عدد الطلاب الصينيين الذين يدرسون في الولايات المتحدة بنسبة 20 في المئة في عام 2008، والهند بنسبة 13 في المئة وكوريا الجنوبية بنسبة 11 في المئة. والطلاب السعوديون في الولايات المتحدة أيضا زاد عددهم بنسبة 20 في المئة خلال العام الماضي، ونتشرف ونفخر باستضافة هؤلاء الشباب في مؤسساتنا للتعليم العالي. إن روابط الصداقة والفهم المتبادل والمصالح المشتركة التي يقيمها الطلاب السعوديون مع نظرائهم الأمريكيين تشكل أساسا لعلاقات تدوم مدى حياة المرء، وتضمن أن تبقى العلاقات السعودية الأمريكية الخاصة قوية ونشطة.
ولدينا موظفون أمريكيون بدوام كامل يقدمون المشورة للطلاب السعوديين للدراسة في الولايات المتحدة، ونشجع كل من يرغب في الدراسات العليا في الولايات المتحدة على الاتصال بهم.
* أخيراً.. هل من مستجدات حول منح المزيد من المرونة للتأشيرات الأمريكية؟
- بخصوص التأشيرة، يسعدني أن أقول إنها تتحسن بسرعة. وفي العام الماضي فقط، أبرم اتفاق سعودي أمريكي لتوفير تأشيرة أمريكية صالحة لمدة خمس سنوات للسعوديين، وقد قمنا بإعادة فتح القنصلية الأمريكية في جدة لإصدار التأشيرة على أساس محدود. وفي عام 2008 تم إصدار أكثر من 46.000 تأشيرة في المملكة العربية السعودية من سفارة الولايات المتحدة في الرياض والقنصلية الأمريكية في الظهران، مقارنة ب 34.000 في عام 2007. وهي زيادة بنسبة 35 ?في المئة، ونتوقع أن ترتفع هذه الأرقام أكثر في المستقبل. وخلال الـ 12 شهراً الماضية، تمت الموافقة على 92 في المئة من الطلبات المقدمة من قبل السعوديين لكافة فئات التأشيرة. ويتطلب عدد قليل جداً من طلبات التأشيرة (فقط 4 في المئة) لإجراءات قد تصل إلى أكثر من ثلاثة أشهر. واستغرقت إجراءات إصدار 50 في المئة من كافة فئات التأشيرة في المملكة مدة أسبوع أو أقل. و82 في المئة من كافة فئات التأشيرة استغرقت إجراءات إصدارها في المملكة خلال 30 يوماً. ومرة أخرى تمت إجراءات إصدار 92 في المئة التأشيرة للسعوديين في المملكة خلال 60 يوما. نرغب في رؤية السياح والطلاب والفنانين ورجال الأعمال السعوديين في الولايات المتحدة، وقد عمل السفير فورد فريكر بمثابرة شديدة لتحقيق ذلك.
وفيما يتصل بتأشيرة العودة للطلاب السعوديين الذين يعودون إلى المملكة بينما هم يواصلون تعليمهم في الولايات المتحدة، بدأنا إجراءات إصدار تأشيرة صالحة لمدة خمس سنوات ولعدة مرات للطلاب السعوديين في عام 2008، ويسعدنا أن نذكر هنا أن حاجة الطلاب السعوديين للحصول على تأشيرة عودة للولايات المتحدة عند قدومهم للمملكة في زيارة، ستنتفي بشكل كبير في عام 2010، حيث يمكن لهؤلاء الطلاب العودة ثم السفر كما يشاؤون خلال مدة خمس سنوات.? أما بالنسبة للطلاب الذين لديهم تأشيرات لمدد قصيرة وفي حاجة إلى تجديدها، مهم جداً أن يحصلوا على موعد في سفارة الولايات المتحدة في الرياض أو القنصلية الأمريكية في جدة والظهران في أقرب فرصة ممكنة. وتتوفر حاليا في الرياض مواعيد لتأشيرة الدراسة في شهر يونيو، ويستطيع الطلاب الحصول على موعد من أي مكان في العالم بزيارة موقعنا على:
http://ksa.us-visaservices.com. ويحصل حوالي 80 في المئة من الطلاب السعوديين الذين يتقدمون لتأشيرة العودة إلى الولايات المتحدة، يحصلون عليها في غضون 30 يوما ?و90 في المئة في غضون 60 يوما. ولكن عليك أن تأخذ موعدا مبكرا لتجنب تأخيرات إدارية. وإضافة إلى الوقت الإداري اللازم للحصول على تأشيرة العودة للولايات المتحدة، على الطلاب السعوديين وأسرهم أن يفهموا أنه إذا لم يواظب الطالب الحضور للدراسة بانتظام ولم يحافظ على مقررات دراسية كاملة، يثير ذلك سؤالا في ذهن مسؤولي القنصلية لدينا (فيما يقضي هذا الشاب وقته؟ هل هو طالب مجتهد؟) ونصيحتنا الأولى للطلاب السعوديين في الولايات المتحدة هي: اجتهد في دراستك، وإذا عدت إلى المملكة جدول موعداً لمقابلة التأشيرة في أقرب فرصة ممكنة عند وصولك في المملكة. وندرك أن التأخير في تجديد تأشيرة الدراسة يربك الطلاب المعنيين كثيراً ونعمل بجد لتسهيل الإجراءات. ولا يتأثر بهذا الأمر المتقدمين السعوديين فقط، بل هو أمر في كل العالم. ولكننا نأمل أن جودة التعليم والصداقات العالمية والتي تدوم مدى العمر تستحق ذلك العناء. وعندما تحصل على تأشيرة العودة، فهي ستكون صالحة لمدة خمس سنوات ولعدة مرات ولن تكون في حاجة لتكرار تلك الإجراءات لمدة خمس سنوات أخرى.