دبي - محمد شاهين
قال الدكتور سليم الحص رئيس وزراء لبنان السابق وأستاذ الاقتصاد السابق في الجامعة الأمريكية في بيروت: إن الخروج من الأزمة يتطلّب اتفاقاً دولياً على نظام اقتصادي عالمي جديد. وقد يستغرق استيلاده زمناً غير يسير، قد يمتد لسنتين أو أكثر، والنظام المرتقب يمكن أن يشمل تعديلات جذرية في مهام صندوق النقد الدولي وإمكاناته، ويمكن أن يفضي إلى استحداث مؤسسات جديدة، وحتماً إلى اجتراح قواعد مطوّرة للعبة الاقتصادية المالية العالمية. وسيكون للسلطات الوطنية في مختلف الدول أدوار لم تكن في الحسبان في ظل النظام المتهاوي والذي تمحور على سياسة اليد المرفوعة.
وقال الدكتور سليم الحص رئيس وزراء لبنان السابق وأستاذ الاقتصاد السابق في الجامعة الأميركية في بيروت: إن لبنان أفاد من الأزمة المالية، إذ وفدت عليه بعض الأموال العربية التي احتجبت أمامها سُبل التوظيف في الأسواق المأزومة في العالم فيما بقيت صورة لبنان أكثر إشراقاً. ولكن الإغراق في الرهان على استمرار هذا الوضع المتميز في لبنان في المديين المتوسّط والأبعد ليس في محلّه لغير ما اعتبار. وأضاف الحص الذي كان يستعرض تأثير الأزمة على الاقتصاد اللبناني في ملتقى الاستثمار العربي في دبي مؤخراً: (لبنان يستقطب سيلاً من المال العربي الذي يتخذ شكل الودائع في المصارف اللبنانية أو الاستثمارات العقارية أو المساهمات في بعض البيوتات التجارية أو الصناعية أو السياحية. إن سلبيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الخليجي يمكن أن ترتدّ سلباً على هذا الدفق من الأموال).
وحول مستقبل الأزمة العالمية أضاف السيد الحص قائلاً: (الأزمة العالمية مرشحة للاستمرار والتفاعل لأجل غير يسير. فالمعالجة اللازمة لم تبدأ فعلياً بعد. ذلك لأن الأزمة كشفت عورة النظام الاقتصادي العالمي الذي يعود بجذوره إلى اتفاق بريتون وودز الذي أنجب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات كثيرة متفرّعة ورديفة. لقد كشفت الأزمة عجز هذا النظام ومؤسساته. فلا غلو في القول إن نظام بريتون وودز سقط عملياً، والحاجة أضحت ملحّة للبحث عن نظام بديل. وسقط مع هذا النظام ذاك التوجّه الذي طغى على السياسات الدولية خلال السنوات الأخيرة والتي تميّزت بالدعوة إلى الحرية أو الليبرالية الاقتصادية المطلقة والتي كانت تفترض التزام الدول في شتى أنحاء العالم سياسة اليد المرفوعة فلا تتدخل في الشأن الاقتصادي وتترك الأمر لعوامل السوق الحرّة لتقرر الأسعار والتوجّهات وسبل التطوّر والنمو والاستقرار. فإذا بالأزمة تضطر مختلف الدول التي كانت تمعن في التزام سياسات الليبرالية الاقتصادية وتمارسها إلى التدخل المباشر لإنقاذ المؤسسات الخاصة المتعثرة بإنشاء صناديق دعم بمبالغ طائلة).