كتبت مقالاً قبل حوالي العام ونصف العام عنونته: (حتى التنفيذيين لهم فقاعة).. وقد تطرقت فيه إلى حالة التخبط والارتجالية التي بدت عليها الأمور في مجال استقطاب الكوادر القيادية حتى إن البعض خُيل لهم بأنهم وحيدو زمانهم ففرضوا الشروط المادية التعجيزية على الشركات التي لم تجد خياراً حينها غير الرضوخ لطلباتهم من مبدأ (مكره أخاك لا بطل).. وقد قلت حينها إن هؤلاء التنفيذيين سيواجهون مصيراً مظلماً عندما يتباطأ الاقتصاد أو يتجه نحو الركود وتنفجر الفقاعة.. وها نحن نرى الفقاعة قد انفجرت وتأثر بها من تأثر وخصوصاً من أصحابنا التنفيذيين في قطاع البنوك والاستثمار.
لقد حاولنا من موقعنا كخبراء أن نحذر من تمادي البعض في تصرفاتهم وبالتحديد في تغليب المصلحة الفردية والنظرة المادية الضيقة ولكن العديد تجاهل ما نصحنا به.. وها هم يعاملون الآن من الشركات بنفس أسلوبهم، وقد انطبق عليهم القول المأثور: (يا ماشي درب الزلق لا تأمن الطيحة). والآن وقد تأثر العديد من انفجار الفقاعة، فالنصيحة التي أوجهها لهم بألا يبالغوا في طلباتهم وعليهم أن يتعاملوا مع الموضوع بكل واقعية وذكاء حتى لو أدى ذلك إلى تعديل في رواتبهم لتتوافق والحالة الاقتصادية السائدة للشركات.. ربما أن إحدى الفوائد التي نستلخصها من الأزمة أن يتم التركيز على منح المكافآت المرتبطة بالأداء بدلاً من التركيز على منح الرواتب العالية كون المكافآت تحقق التوازن والعدل بين أداء الشركات وبين مكافآت التنفيذيين للعلاقة الطردية بين الإثنين.
استشارات
* منذ متى يبدأ التخطيط للتخصص الدراسي والوظيفي؟.. حيث إن لدي ثلاثة أبناء أكبرهم في الصف السادس الابتدائي.. وأنا مشغول ومهتم جداً بمستقبلهم الدراسي والوظيفي وأرى أن التخطيط يمكن أن يبدأ مبكراً جداً فهل هذا صحيح وكيف يمكن تحقيق ذلك من وجهة نظرك؟
(سعد العتيبي - الخبر)
- عين العقل أن يبدأ التخطيط من الآن ويُراعى فيه اهتمامات الأبناء منذ الصغر بحيث يتم اكتشاف اهتماماتهم وتوجهاتهم ويتم تعزيزها وتوجيهها التوجيه الصحيح، السنوات تمر بسرعة وقد لا تتمكن فيها من تدارك العديد من المواقف.. لذا أرى أن التركيز على الأبناء من الآن هو غاية في الأهمية لكي يسهل عليك وعليهم التدرج في التهيئة والتوجيه وبحيث يراعي الأبناء أهمية التخطيط المسبق وتركيز الجهد وبُعد النظرة.. من المهم في هذه المرحلة المبكرة أن يتم التحدث عن التخصصات والاهتمامات المختلفة وبما فيها الجامعات المحلية والإقليمية والدولية المهمة بحيث يبدأ الابن أو البنت من الآن في جمع المعلومات وزيارة المواقع الإلكترونية للجامعات لزيادة المعرفة وعمل المقارنات لما يخدم توجهاتهم.. وقد يرى البعض أن هذه السن مبكرة.. لكني أجزم بأن صغار اليوم غاية في الذكاء ولديهم وسائل وأدوات يمكنهم استخدامها للتعامل مع كم المعلومات الكبير ويجب أن لا نقلل من قدرتهم على المعرفة والاستنتاج والتخطيط لمستقبلهم.. ضع فيهم الثقة وساعدهم وادعمهم وكن بالقرب منهم لتوجيههم في هذه المرحلة وأنا متأكد من أنهم سيتجاوزون التوقعات التي رسمتها لهم.
* أعمل في القطاع الخاص منذ حوالي خمس عشرة سنة توصلت خلالها لترقي السلم الإداري حتى وصلت لوظيفة نائب الرئيس في إحدى الشركات الكبيرة بالمنطقة الشرقية وحققت نجاحاً ممتازاً على جميع الأصعدة.. لكنني أعاني من عدم التوازن بين العمل والحياة الخاصة، وقد سببت لي الكثير من المشاكل، فما رأيك في أفضل الحلول لكي يوازن الشخص منا بين النجاح في الحياة العملية والحياة الخاصة؟
(ع الأحمري - الدمام)
- سؤالك من أهم الأسئلة التي تؤرق بال التنفيذيين بشكل عام والمؤسسات الناجحة بشكل خاص حيث تخصص لها الشركات البرامج والميزانيات لمساعدة موظفيها على عمل التوازن اللازم بين الحياة العملية والحياة العائلية، وذلك لوعي تلك الشركات بأهمية تأثير الحياة العائلية على أداء الفرد في الشركات سواء كان تنفيذياً أو موظفاً غير تنفيذي.. فكلما كان التوازن محكماً كلما كان أداء الموظف إيجابياً والعكس صحيح فالحياة العائلية تلقي بظلالها على عملنا في الشركات بالإيجاب أو السلب شئنا أم أبينا، ولهذا يجب على التنفيذي أن ينظم نفسه ووقته ويوائم بين حاجات العمل والعائلة ولا يجعلها تتداخل، فالعمل له وقته والبيت والعائلة لهما وقتهما أيضاً، وقد بدأت شركات عالمية عديدة بوضع برامج لتعزيز التوازن من خلال منح يوم إضافي لعطلة نهاية الأسبوع أو منح الحوافز بشكل رحلات عائلية مدفوعة وغيرها من البرامج التحفيزية للتوازن الذي لا يتسع المجال لذكرها. وعودة إلى وضعك، فأقترح عليك أن تدير عملك بالأسلوب المنظم الذي يراعي حقوق الآخرين عليك ومنهم عائلتك بحيث تبعد عن إدارة عملك بأسلوب إدارة الأزمات فتعطي للعمل حقه وللبيت حقه ويجب عليك أن تجيب على السؤال الصعب هل أنت تعمل لتعيش.. أم تعيش لتعمل؟.. وأتمنى أن لا تكون إجابتك هي الأخيرة.. فلنفسك وبيتك وحتى عملك نفسه حق عليك بأن لا تخلط بين التزاماتك.
وقفات
* يغفل الكثير من التنفيذيين أهمية تأسيس نظام فعَّال لتقييم الأداء سواء بالنسبة لأداء الشركة أو الموظفين وهو نظام غاية في الأهمية للحصول على المعلومات القيمة التي يغذيها لتطوير أداء الشركات وتحقيق تطلعات المهتمين ومساعدة الشركات في عملية اتخاذ القرارات.
* لكي تحدث المكافآت التي تصرف عن الأداء على الأثر والحافز المناسب لدى الموظف فيجب أن تصرف المكافأة في وقت قريب جداً من السلوك أو المهمة التي أنجزها الموظف.
* يُخطئ الكثير من التنفيذيين عند التردد والتأخر في اتخاذ القرارات وهي صفة أرى أنها ربما تحمي الشركة من بعض الخسائر في أحيان قليلة (من وجهة نظر المتردد).. لكنها بالتأكيد تحرم الشركات من الفوز بفرص كبيرة.. يقول جاك ولش: (أن تتخذ قراراً سريعاً غير مكتمل خير من أن تتخذ قرراً مكتملاً بعد فوات الأوان).
alammash@yahoo.com