دراسة متميزة أجرتها (أرقام) حول المكافآت والتعويضات التي حصل عليها كبار التنفيذيين من أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة في السوق السعودية. الدراسة كشفت عن حصول مسؤولين في أربع شركات على أعلى المكافآت مقارنة بأعضاء الشركات الأخرى. وأوضحت أن بعض الشركات، قطاع البنوك على وجه الخصوص، لا توفر معلومات مفصلة عن ما يحصل عليه كبار التنفيذيين بشكل منفرد.
ولفتت (أرقام) إلى أن رئيس لجنة تنفيذية لشركة حديثة تعمل في قطاع التأمين، حصل (على بدلات ورواتب بلغ إجماليها 3.83 مليون ريال)، إضافة إلى حصول (مسؤولين بشركات لم تحقق أرباحاً خلال عام 2008 على مكافآت وبدلات عالية). (أرقام) كانت مهتمة بتوسيع دراستها إلا أن ندرة المعلومات التفصيلية فرضت عليها استثناء أسماء أخرى كان من المفترض أن تكون ضمن القائمة الرئيسة. دراسة (أرقام) التي تلقفتها مواقع الإنترنت وبعض الصحف ربما كشفت بعض ما يحدث خلف كواليس إدارات الشركات التنفيذية. الإدارات التنفيذية تتمتع بكامل الصلاحيات، ولديها من القوة والسيطرة القدر الكافي الذي يمكنها من إقرار توصيات المكافآت، والحوافز التي لا تقارن بأي حال من الأحوال بمجمل مكافآت الموظفين الذين يحملون تلك الشركات على أكتافهم! إحدى الشركات السعودية التي صاحب زيادة رأس مالها، قبل عدة سنوات، لغط كبير، واحتجاج من غالبية مساهميها عادت إلى الأضواء من جديد بعد أن دفعت لاثنين من أعضائها ما يقرب من 16 مليون ريال؛ ما يفتح الباب من جديد أمام تظلم المساهمين وانتقاداتهم الحادة.
شركة أخرى، صغيرة نسبياً، نجح ملاكها الأصليون في تحصيل علاوة إصدار ضخمة على أسهمهم التي طُرحت للاكتتاب العام قبل فترة، صرفت مكافآت لخمسة من كبار تنفيذييها بما يقرب من 18.5 مليون ريال، وهي مكافآت تفوق في مجملها ما دفعته شركات ضخمة كسابك، الاتصالات، وبنك الرياض!!
الغريب حقاً أن تأتي الشركات الأكبر ربحية في مواقع متأخرة في سلم المكافآت مقارنة بالشركات الأقل، فالاتصالات السعودية وسابك تحتلان المركزين 26 و11 في حين تحتل شركة صغيرة مركزاً متقدماً!!، وهو أمر مثير للدهشة والاستغراب!
تجاوزات أعضاء مجالس الإدارة والأعضاء التنفيذيين تشكل حلقة من حلقات سوق الأسهم السعودية المتردية، وأسلوب إدارتها، ونوعية الرقابة المفروضة على شركاتها المدرجة فيها، وتقاعس المساهمين عن حفظ حقوقهم، ولعب دور أكبر في مواجهة أخطاء المتنفذين في مجالس الإدارة، والفاعلين في سوق التداول.
باختصار شديد، مكافآت كبار التنفيذيين تكشف عن تجاوزات، ربما تكون وفق القانون إذا ما ربطت بالموافقة المسبقة للجمعية العمومية! إلا أنها تبقى مضرة بصغار المساهمين، وفيها من الاستغلال الكثير؛ لذا نطلب من المشرع والجهات الرقابية القيام بدورهم الرسمي لحفظ حقوق المساهمين من خلال ضوابط صريحة وشفافة تضمن تطبيق الأنظمة والقوانين بعدالة، وتدفع نحو إصلاح اعوجاج بعض المجالس الإدارية والإدارات التنفيذية؛ في الوقت الذي تحتاج فيه لائحة حوكمة الشركات إلى جهات رسمية وأهلية تتبنى بنودها، وتهتم بتفعيلها، وتحاسب المقصرين في تطبيقها. وأخيراً يتحتم على مساهمي الشركات القيام بدورهم الفاعل للحد من تجاوزات بعض أعضاء مجالس الإدارة والأعضاء التنفيذيين إذا ما أرادوا حماية استثماراتهم من الضياع.
* * *
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM