د. حسن الشقطي
أغلق السوق هذا الأسبوع عند 4643 نقطة رابحا حوالي 243 نقطة، ليصل حجم مكاسبه خلال الأسبوعين الأخيرين إلى حوالي 513 نقطة أو ما يعادل 12.4%.. وترجع هذه المكاسب بالدرجة الأولى إلى استمرار الارتفاع في أسعار النفط والتي أدت إلى تحسن ملموس في قطاع البتروكيماويات بقيادة سابك.. ومن ناحية أخرى ترجع المكاسب إلى التحسن الملحوظ في البورصات العالمية على خلفية أنباء استقرار الاقتصاد الأمريكي، بشكل أدى بشكل رئيسي إلى تحسن أداء القطاع المصرفي.. إلا أنه رغم هذا التحسن في حركة التداول خلال الأسبوعين الأخيرين، فمستوى السيولة المتداولة لا يزال دون المعتاد، فلم يتجاوز مستوى الخمسة مليارات حتى في أوج أوقات الصعود، وهو ما يضع العديد من التساؤلات حول أسباب عدم استعادة السيولة لمستوياتها المعتادة رغم تحسن أداء السوق؟ وهل ستصبح هذه المستويات هي أرضية التداول الجديدة؟ من جانب آخر، فقد انتعش العديد من تداولات الأسهم التي غابت خلال الشهور الماضية، والتي كان من أبرزها كيان وإعمار.. ومن جانب ثالث، فقد عد إدراج وتداول هم عذيب هذا الأسبوع على فتح شهية المضاربين ليس على سهم عذيب فحسب، بل على أسهم قطاع الاتصالات ككل الذي ربح هذا الأسبوع 5.4% حتى رغم فقدان سهم عذيب لغالبية مكاسبه. هذا وتأتي الثقة في مؤشر هذا الأسبوع من خلال أن هذه المكاسب تأتي قبل أيام قليلة تفصل السوق عن بدء الإعلان عن نتائج الربع الأول من عام 2009، وهو الذي يمكن أن نسميه جدلا (بربع الخوف الحقيقي من الأزمة العالمية).. فكيف ستكون هذه النتائج؟ وكيف يكون حال السوق بعدها؟
السوق ما بين محفز أسعار
النفط ومخاوف الركود العالمي:
رغم أن مثبطات سوق الأسهم تعتبر متعددة ومتداخلة أحيانا، إلا أن المحفز الرئيسي المتمثل في ارتفاع أسعار النفط يعتبر الآن أكثر قوة في قيادة مؤشر السوق.. فرغم وجود مخاوف من عودة تداعيات الأزمة المالية، وخاصة على قطاع المصارف، فضلا عن حالة الركود التي بدأت تلقي بظلالها على العديد من أوجه النشاط الاقتصادي في الداخل.. إلا أنه مع ذلك، فإن تحسن أسعار النفط (لامست مستوى 53 دولارا للبرميل) يعتبر كفيل بتحسن أداء قطاع البتروكيماويات وعلى رأسها سابك، وبالتالي تحسن حركة التداول ككل.
الأرباح اليومية والصعود
العمودي في الدقائق الأولى:
أحد أسرار قلق المتداولين والتي توحي بأن الأمور لم تعد لأوضاعها الطبيعية بشكل كامل هي أن غالبية الصعودات اليومية لمؤشر السوق لا تحدث بشكل طبيعي وإنما تحدث على مدى دقائق معدودة أو خلال فترة قصيرة في بداية جلسات التداول.. فعلى سبيل المثال يوم الثلاثاء ارتفع المؤشر خلال الدقائق الأولى (10 دقائق تحديدا) من جلسة التداول وربح حوالي 110 نقطة، خسر حوالي 55 نقطة منها في نهاية الجلسة وأغلق محتفظا بحوالي 55 نقطة منها فقط... ومصدر القلق أن الصعود الخاطف قد يكون نتيجة استهداف تصريف أو ربما قد يكون استغلال مضاربين، وخاصة أنه من المعروف أن أي تجميع لا يحدث بشكل مفاجئ غالبا.
السبب الرئيسي لتراجع السيولة المتداولة:
أحد أسباب القلق في السوق هو التراجع المستمر (خلال الست شهور الأخيرة) في مستوى السيولة اليومية المتداولة، فمن 20 إلى 12 إلى 8 وأخيرا إلى 3 مليار ريال.. وكل القلق يأتي من مخاوف خروج المحافظ الكبيرة التي هي قادرة على حماية وحمل مؤشر السوق من الانحدار.. الجميع كان يتحدث ويلقي باللوم على الاحتكارات والاستحواذات الكبيرة في السوق في الماضي على أساس أنها هي مصدر الضعف وأنها تمكن البعض من تحقيق أرباح خيالية على حساب البعض الآخر، ولكن الآن الجميع يتحدثون بقلق نتيجة مخاوف خروج أصحاب المحافظ الكبيرة وانتهاء احتكاراتهم لأسهم معينة.. هذا الأمر يعتبره البعض بمثابة إضافة مسار عشوائي لتداولات الأهم والتي كان يفترض أن تؤدي إلى مزيد من كفاءة تداولاتها.. إلا إنه في الحقيقة فقد أصبح المسار العشوائي هو بمثابة مزيد من الاضطراب في تداولات هذه الأسهم.. وتصل صراحة بعض المراقبين إلى الاعتقاد بان الجميع في السوق لا يعنيهم المؤثرات الخارجية ولا الداخلية (كثيرا) بقدر ما يعنيهم أن يكون من بين متداولي السوق أصحاب محافظ كبيرة قادرون على حماية الأسهم التي يحتكرونها على الأقل لحماية أموالهم الخاصة، ومن ثم حماية كافة المتداولين فيها.
معضلة الخوف من الأسعار المتدنية!
من المفارقات الغريبة بالسوق عدم وجود إقبال على الشراء والتجميع على كثير من الأسهم حتى رغم أسعارها المتدنية جدا وحتى رغم جودة وحسن مؤشراتها المالية.. الأمر الغريب أنه دائما ما يحدث الشراء والتجميع عندما ترتفع أسعار هذه الأسهم.. أي عندما تسوء مؤشراتها المالية.. بالطبع السبب الرئيسي هو أن غالبية المتداولين يركزون على عمليات المضاربة في الأسهم أكثر مما يركزون على الاستثمار فيها.. أما الأمر الأكثر غرابة، هو أن الحديث عن الاستثمار دائما ما يأتي متأخرا من جانب كثير من هؤلاء المتداولين، وفي الغالب ما يأتي هذا الحديث عن الاستثمار عندما ترتفع أسعار الأسهم ويزداد الطلب عليها.. إن ما ينبغي أن يحدث هو أن يكون التفكير في الاستثمار والشراء والتجميع في عز أوقات النزول والتصريف، في حين يكون التفكير في المضاربة والبيع والتصريف في عز أوقات الصعود والتجميع.
3 أيام تفصل السوق
عن نتائج الربع الأول 2009:
في اعتقادي أن مؤشر السوق قد امتص جزءا كبيرا من القلق والخوف من نتائج الربع الأول لعام 2009، وهو الربع الذي يفترض أن يترجم كافة النتائج السابقة للأزمة المالية العالمية، والتي ينبع قلقها حقيقة من قطاع المصارف.. لذلك، فإن المؤشر قد يسير دونما تأثر كبير بانتظار هذه النتائج طالما أسعار النفط تحلق فوق مستوى الـ50 دولارا.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com