تشير بعض الدراسات الإنسانية أن هناك تقارباً كبيراً بين النحل وبين البشر من حيث الصفات البيولوجية والسلوكية، فالعسل يحتوي على (برامج معلومات دقيقة) وكأنها الجينات في جسم الإنسان. هذه المعلومات تنتقل من النحل إلى العسل أثناء عملية الإنتاج، وهي موجودة أصلاً في رحيق الأزهار، وحين يمتصها النحل تتفاعل داخل بطونها وتعدَّل ويزداد مفعولها فتكون جاهزة للاستفادة منها. وهنا يكمن سر الشفاء بالعسل. فالله تعالى زود كل نحلة ببرامج تتركز في خلايا دماغها، ولذا فهي تقوم بخطة مرسومة لها مسبقاً، وهو ما عبَّر عنه القرآن بقوله تعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذلُلا، يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآية لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).. فهو إذاً طريق مرسوم ووحي من الله بأسلوب يفهمه النحل فقط ولازلنا نجهله! وقد فسر أهل العلم كلمة (أوحى) الواردة في بداية الآية بأنها تعني ضرورة قراءة القرآن على العسل كي تكتمل القوة الشفائية. حيث الوحي كلام الله عز وجل!.
ويؤكد علماء النفس أن الإنسان بطبيعته يميل للمواد الطبيعية في علاج مرضه، فالإنسان يتقبل شرب العسل وكأنه قد فُطر على تقبُّله أكثر من الأدوية الكيميائية كونه من المواد الطبيعية، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن قدماء المصريين استخدموا العسل في علاج الجروح منذ خمسة آلاف عام وأدركوا شيئاً من خصائصه الطبية، بل إنهم حنطوا جثث الفراعنة بالعسل وبعض المكونات الأخرى التي تحفظها من التحلل والتعفن!.
وبعد أن حيرت بعض أنواع الجراثيم باحثي الولايات المتحدة الأمريكية ولم يجدوا لها علاجاً، لجأوا لاستخلاص المضادات الحيوية الموجودة في العسل لأغراض التعقيم، ووجدوا أنها من أفضل المضادات الحيوية!.
ونسبة للتعتيم الشديد حول فوائد العسل وقدرته الشفائية من قبل شركات الأدوية التي تخشى الاستغناء عن إنتاجها؛ نرى الأطباء يدفعون مرضاهم للجوء للأدوية الكيمائية، فقلما يفكر أحدنا أن يعالج نفسه بالعسل إيماناً بفاعليته.
والعجيب أنه برغم الأعداد الكبيرة من النحل التي تساهم في صناعة قالب العسل؛ إلا أنه لا يوجد أدنى اصطدام أو صراع أو خلل أو عناد في عملها! ويعجب العلماء من دقة التنظيم في فريق النحل، والكيفية والطريقة التي تعمل بها هذه المبادئ في دقة الإنجاز والسرعة والإتقان، وكيف يتمكن النحل من أداء كل هذه المهام ببراعة دون خضوعه للتدريب؟.. ألا يدل ذلك على أن هناك بالفعل وحيّاً متصلاً من الخالق عز وجل لها؟.. فالنحلة منذ نشأتها مدربة للقيام بهذا العمل وتؤديه بكل مثابرة واقتدار، وتقدم العسل هدية للبشر ليستفيدوا منه!.
وقد يكون انعدام الحسد والغيرة بهذا المخلوق العجيب هو مجال الاختلاف مع البشر الذين توجد فيهم هاتان الصفتان السيئتان، لذا يعم التناحر بينهم، وتقوم الحروب ويقل الإنتاج أو ينعدم، وهذا يهدم الإنسانية ولا يفيدها كالعسل الذي يبني الصحة ويحافظ عليها!.
rogaia143@hotmail.Com
ص.ب: 260564 الرياض: 11342