Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/03/2009 G Issue 13326
الثلاثاء 27 ربيع الأول 1430   العدد  13326
نوافذ
عن .. بعد
أميمة الخميس

 

صرح وزير التعليم العالي بأن الجامعة الافتراضية الإلكترونية التي تعمل عبر التعليم عن بعد سوف ترى النور بعد خمس سنوات من الآن, وأن وزارة التعليم العالي الآن بصدد إعداد البنية التحتية، والتنسيق مع وزارة الاتصالات بهدف تقديم برامج أكاديمية ذات مصداقية عالية من خلال التعاون مع جامعات عالمية لها خبرة أكاديمية في هذا المجال.

هذه الخطوة الكبيرة والهامة التي تخطو نحوها وزارة التعليم العالي، تعتبر منعطفاً هاماً في فلسفة التعليم لدينا، لا سيما حاجة الميدان الحقيقية لها وحجم الضغوطات الهائلة على القبول في الجامعات في المدن الرئيسة.

الجامعة الإلكترونية قفزة عصرية مستجيبة لشروط الاقتصاد المعرفي الذي تعول عليه الكثير من الدول، وهي أيضاً حاجة تنموية ظلت متوارية خلف الكثير من الأنظمة والقوانين المعقدة التي كانت تطوق عملية تداول المعرفة في مجتمعنا.

فحتى فترة قريبة ما زالت رائحة الشمع الأحمر النفاذة المنفرة الذي كان يختم به ظرف أوراق امتحانات الطالبات، ومن ثم يرفع إلى لجان التصحيح في الثانوي في رأسي، وما زلت أذكر دفاتر الامتحانات في الجامعة التي كانت توزع علينا أثناء الاختبارات بحيث نكتب على غلافها اسمنا ومن ثم نغلقه، (حتى لا يؤدي معرفة للتأثير على موضوعية المصحح)! المحاضرات الإلقائية الطويلة المملة، وغياب التفكير على حساب معلومات تصب كجبيرة أسمنتيه على الدماغ، الخزنات التي كانت تخبأ داخلها الأسئلة، وجو الرعب المطبق في فترة الاختبارات، والفتيات العجيبات اللواتي كن يحلمن بالأسئلة.

تلك الفترة العجيبة، لم تخرج أجيالاً متفوقة، ولم تأسس لنهضة علمية حضارية، ولم تخلق تعليماً عالياً رفيع المستوى، لكنها أشرفت بنا على فجيعة المواقع المتقهقرة في ترتيب جامعاتنا على المستوى العالمي.

الباقي الآن مع وجود الجامعة المفتوحة, والسعي إلى تأسيس التعليم الإلكتروني أو الجامعة الافتراضية، وحقول المعرفة الشاسعة المشرعة لجميع الراغبين المسكونين بالفضول والرغبة في المعرفة (وليس أجساداً تتجاور في قاعات محاضرات)، أن يكون هناك في المقابل داخل وزارة التعليم العالي نفسها روح شابة وعقلية متفتحة قادرة على أن تتجاوز المراحل السابقة في التقييم والرصد ومنح المصداقية والقبول.

فالعلم ليس بكمية المعلومة التي أرصفها في دماغي متجاورة كمكتبة ضخمة ومملة، ولكن المعرفة باتت الآن هي كيفية تحويل هذه المعرفة إلى مفاتيح وأدوات ورؤية استشرافية للغد والغامض والمستغلق من الأسئلة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد