Al Jazirah NewsPaper Tuesday  24/03/2009 G Issue 13326
الثلاثاء 27 ربيع الأول 1430   العدد  13326
تنظيم التبرعات وتفعيلها لخدمة الإسلام والمسلمين

 

أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تلاها من تداعيات أثَّرت سلباً في جمع التبرعات وتوزيعها على مستحقيها.. عدد من الجهات الخيرية وقنوات الخدمة الاجتماعية توقفت بعد أن شحت مواردها، وباتت غير قادرة على التعامل مع الأنظمة والقوانين الصارمة التي وضعت لتحقيق المصلحة العامة، ولحماية المجتمع من الاستغلال السيئ لصدقات المحسنين.. فوضوية جمع التبرعات، وصدقات المحسنين، وإنفاق بعضها في غير مصارفها المشروعة جلبت على المجتمع السعودي الكثير من الأزمات الدولية والداخلية. الأكيد أن المجتمع السعودي كان، وما زال، في مقدمة المجتمعات الإسلامية الفاعلة في الإنشطة الخيرية، وإغاثة المحتاجين، بالرغم من التصرفات الخاطئة لبعض المحسوبين على الأعمال الإغاثية، التي أقحمت غالبية الجمعيات المنضبطة في دائرة الاتهام.

ردة الفعل الدولية تجاه الجمعيات الخيرية كانت قاسية، وشاملة، ولم تميز أبداً بين الجيد منها والسيئ. بعض الجماعات الشاذة أفسدت أعمال كثير من الجمعيات الخيرية المنضبطة، وأثَّرت سلباً في جهودها الإغاثية، خصوصاً في الدول الإسلامية الفقيرة، التي كانت أكثر المتضررين بوقف الأنشطة الإغاثية فيها. توقف الهيئات الإغاثية، وانسحابها من مناطق نفوذها التقليدية أعطت المنظمات الإيرانية المسيسة، والهيئات الغربية المشبوهة الفرصة لبث أفكارها الهدامة في تلك المجتمعات.. النتائج الحالية ربما تكشف بعض أسباب الحملة الشرسة التي شنتها الدول الغربية على منظمات الإغاثة الإسلامية في الدول الفقيرة، وعدم تمييزها بين الهيئات والجهود الإغاثية المنضبطة، أو تلك المخالفة للأنظمة والقوانين.

بغض النظر عن الأسباب والنتائج، وتصنيف الجهود الإغاثية يمكن القول إن سبع سنوات مضت أعطت الفرصة الكافية للجهات الرسمية بضبط العمل الإغاثي، وتطهيره من المخالفات الشاذة، وسمحت للناشطين في الأعمال الإغاثية بمراجعة خططهم وإستراتيجياتهم وفق المتطلبات الدولية الهادفة إلى إيصال المعونات لمستحقيها، ولا شيء غير ذلك.. وزارة الداخلية، وجهات رسمية أخرى نجحت في إعادة هيكلة الأعمال الخيرية وفق القانون الذي يكفل الحماية للعاملين، ويفرض النظام الصارم على طرق جمع التبرعات وتوصيلها لمستحقيها.

نجاح وزارة الداخلية الفاعل في عمليات جمع التبرعات وتوزيعها وفق الأنظمة الصارمة يدفعنا للمطالبة بتوسيع قاعدة العمل الإغاثي، والعودة به إلى مستويات ما قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، بأسلوب حديث يمنع حدوث التجاوزات، ويحمي المجتمع من أي تبعات سلبية قد تحدث بسبب أعمال الخير!. الهيئات الحالية تحتاج إلى مؤسسات خيرية مساندة، وجهود جبارة لإصلاح ما أفسدته السنون العجاف. وتحتاج أيضاً إلى عمل خيري احترافي منظم يحقق الغايات الإسلامية النبيلة، والتكافل المثمر، في الوقت الذي يضمن فيه وضوح الأهداف، وشفافية العمل، بعيداً عن الانحرافات المقوضة لأعمال الخير.

أعتقد أن الوقت قد أزِف لتوسيع دائرة الأعمال الإغاثية الحكومية والخاصة في المناطق الإسلامية المحتاجة حول العالم بأسلوب إغاثي حديث يتجاوز عملية إيصال المعونات وقت الأزمات، إلى عمليات البحث والتقصي وإجراء الدراسات، والمسح الميداني، وإنشاء المراكز الإغاثية السعودية الدائمة تحت مظلة الهيئات الدولية لضمان الحماية الدولية من جهة، ولتجاوز الاتهامات المغرضة من جهة أخرى.

مراكز الإغاثة تقودنا إلى التذكير بدور المملكة الإسلامي في العالم، ومسؤوليتها تجاه المسلمين الباحثين عن أصول دينهم، وعبادة الله على حق وتبصر.. الاستقبال الشعبي الكبير الذي لقيه الداعية الشيخ عائض القرني في الجزائر، وتحقيق برنامج الشيخ سلمان العودة (الحياة كلمة) نسبة مشاهدة عالية جعلته أحد أكثر عشرة برامج مشاهدة في العالم العربي، يؤكدان على قوة، وقدرة المملكة على التأثير الديني، الثقافي، والإعلامي في العالم الإسلامي، وثقة العالم بعلمائها الأجلاء.. هذه المكانة البارزة يجب أن تُفعَّل بما يخدم الإسلام والمسلمين، وأن تساعد على إعادة بناء ما هدمته الأفكار المنحرفة في المجتمعات الإسلامية، و أن تُستَثمَر في تقوية الروابط الإسلامية، وإشاعة الحب والسلام، وثقافة التسامح والنهج النبوي الكريم وسنة الصحابة الأخيار من بعده، وفي رسم الصورة المشرقة للإسلام الحق، وتكريس دور المملكة الرائد في هذا الجانب.

للمملكة دور رائد في تقديم المعونات المالية والعينية، ودعم الأقليات المسلمة، وهي من أكثر دول العالم مساهمة في مشروعات الإغاثة الدولية، إضافة إلى دورها الفاعل في الدعوة، ونشر الدين الحق، وفق سنة المصطفى، صلوات الله وسلامه عليه، وصحابته الكرام من بعده، ومع ذلك فتداعيات الحادي عشر من سبتمبر أثَّرت في زخم تلك الجهود المباركة، ما يجعلنا نُرجِح (نظرية المؤامرة) في تلك الأحداث التي قُصِدَ منها إضعاف الإسلام والمسلمين حول العالم بعد وضوح الرؤية، وانتفاء الاتهامات الظالمة، وتغيُّر الظروف يمكن أن يكون الدعم السعودي المالي، الديني، الثقافي، والإعلامي أكثر فاعلية، متحرراً من القيود التي فُرضت عليه في السنوات الماضية، موجهاً لخدمة الإسلام والمسلمين، وإنقاذهم مما يُحاك ضدهم في الخفاء، ابتغاء مرضاة

الله، وتنفيذاً لأوامره بعيداً عن الحسابات الدنيوية المُحرِكة لجهود الآخرين!!.

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد