طوت (الجنادرية) (24) خيمة الإبداع نهاية الأسبوع الماضي، وفرَدت جناحيها محلقة في فضاء الزمن البعيد، وهي تعدنا، مشاركين ورواداً، بالعودة من جديد العام القادم بإذن الله.
**
* ثمّةَ سؤال يتكرر بما يشبهُ الإلحاحَ منذ غَداة ميلاد هذه التجربة الإبداعية للتراث والثقافة يقول: لِمَ الجنادرية؟!
**
* واستأذن عشاق الجنادرية و (المتسائلين) بشأنها بالردّ (تطوعاً) على هذا السؤال: لِمَ الجنادرية.. فأقول:
* نعم للجنادرية، فهي مناسبة نستلهم بها ومن خلالها العبرة والصمود والعزم ممّا كان عليه سلفنا الصالح.
* وهي فرصةً نربط بها ومن خلالها بين هُوية حاضرنا.. وسيرة ماضينا.
* وهي وقفة... نتذكّر بها ومن خلالها ما كان عليه الآباء والأجداد من عُسْر ويُسْر.. وفروسية وفداء.. وصبر جميل يقهر عقبة المستحيل.
**
* وهي استشراف.. نربط بينه في أفئدتنا.. وبين سيرة الأمس وحلم الغد.. نُؤصِّل بين هويتنا وانتمائنا إلى هذه الأرض الطيبة.. أرض الإسلام.. ومهد العروبة.
**
* هذه بعض الأسباب التي تجعل من الجنادرية حدثاً (وجدانياً) نتَرقّبه كل عام، ونُصرُّ على عودته كل عام!
**
* وعلى صعيد آخر، الجنادرية جسر نتواصلُ به ومن خلاله مع مَنْ حولنا والبعيدين عنا سواء.. ليعْرفوا كيف كنّا.. وكيف أُلنْا، وكيف نحْلمُ أن نكون.
لماذا؟
* لأن هناك من لا يزال يَقْرنُ هويتنا في ذهنه بصورتين لا ثالثة لهما:
* قوم رُحَّل.. زادهم الفقرُ، ومطيّتهُم العنَاء، قبل أن ينقلَهم النفطُ إلى (فردوس) اليُسْر المادي، ثابتِهِ ومنقولِهِ، وليس في هذا ضرُّ ولا ضيْرُ، لكنّنا في نظر بعض أولئك من غير النفط.. لا نعني شيئاً.. ولا نساوي شيئاً!!
* وهنا يكمن الضُّرُّ والضَّيْرُ معاً!!
**
* الجنادريةُ.. بطقُوسها ورمُوزها وفنُونِها وآدابها.. ومحاورِها محاولة جادة لتَصْحيح الصورة عنا نيابة عنا!
**
* تحاول أن تَرسمَ في الأذهان صورةً يتعانقُ فيها الماضي والحاضر.. في أبهى لقاء، ويبقى النفط بعد ذلك كله وسيلةً وهَبَها الإلهُ لابن هذه الأرض.. ليصْنَع بها ملحمةً جَسَّدت طموحَه نحو الأفضل.. لكنها لم تَفْصمْه عن تراثه.. ولم تصَادرْ منه شيمةً الوفاء والولاء والانتماء إلى حيثيات وُجُوده: مُعْتقَداً وكَياناً وتُراباً!!
**
* وبعد ذلك تسألونني.. لماذا الجنادرية؟ فأُجيبُ.. ولِمَ لا؟ فهي مدرسة وعِبْرة لنا وإلهام.. وهي تّذْكير بما كنّا فيه وما نطْمَع أن نؤُولَ إليه!