عندما نتابع خطابات الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول إيران، ومنها خطابه الأخير بمناسبة عيد النيروز نجد أننا أمام رئيس ذكي يريد ألا يلومه أحد إذا قرر في المستقبل فرض مزيد من العقوبات على إيران أو حتى ضربها عسكريا!.
فأوباما يريد أن يظهر بمظهر الرئيس الذي استنفد كل الوسائل السلمية من أجل حث إيران على أن تكون دولة طبيعية مسالمة لا تهدد المنطقة والعالم. حتى إذا لم يبق أمامه وسيلة سلمية أخرى فإنه سيظهر بمظهر الرئيس القوي، الذي لا تقل قوته عن دبلوماسيته!.
بمعنى أنه ليس بالرئيس الضعيف الذي يُجرّئ الآخرين عليه وعلى دولته، وليس بالرئيس المتطرف النازع للحروب والصدامات كسلفه جورج بوش الابن الذي لم يحقق الأمن المنشود لبلاده!.
هذه الدبلوماسية الذكية من أوباما تحرج قادة إيران كثيرا ولا شك وتسحب منهم كل الأوراق السياسية التي يلعبون بها، وكل المبررات التي يتذرعون بها عند رسم سياساتهم التشددية. فأوباما وضع على طاولة الإيرانيين نفس الملفات التي ظلت مطروحة على طاولتهم طوال السنوات الماضية، وليس هناك جديد، لكن الجديد هو اللغة التي يستخدمها أوباما.
فأوباما لم يتساهل في مسألة البرنامج النووي الإيراني، ولا بالتهديدات التي يطلقها ملالي إيران ضد الآخرين، ولا فيما يتعلق بسياساتهم التدخلية التي ظلت تميزهم منذ ثورتهم على شاه إيران في عام 1979م!.
فالسياسة الأمريكية تجاه إيران هي هي لم تتغير سوى في انتقاء الألفاظ. فبوش ومن قبله يستخدمون ألفاظا قويا وتهديدات عنترية، أما أوباما فيستخدم لغة السلام ولكنه لم يورد جملة واحدة في أي من خطاباته تفيد بأنه تهاون في أي من الملفات الساخنة المتعلقة بإيران. ونحن حيال كل هذا، نطرح أسئلة قد تجيب عنها الأيام المقبلة: هل قادة إيران مستعدون للتجاوب مع أوباما فيما يتعلق بالقضايا الخلافية أم أنهم سيعتبرون لغة أوبما انتصارا يضاف لسجلهم السياسي ويشجعهم على مزيد من التشدد، ظنا منهم بأنهم كسبوا المعركة ولم تستطع أمريكا كسرهم على مدار العقود الثلاثة الأخيرة! وبالتالي فالسياسة المتشددة سياسة ناجحة تجبر الآخرين على احترامهم؟!.
وكيف سيكون موقف أوباما فيما إذا تشددت إيران ولم تتجاوب معه، فهل سيتشدد، وهذا ما نتوقعه! أم سيستمر في لغته المسالمة وهو ما قد يسيء إليه كرئيس قوي لدولة كبرى؟!، والتساؤل الثالث المطروح، ستكون ثمة صفقة بين الدولتين يتم الاتفاق عليها خلف الكواليس؟ وعلى حساب من ستكون؟!.