استطراداً لما كتبت في عدد الخميس الفائت من جريدتنا الغراء هذه عن (جبل المحبّة) - التوباد - وما أن أرسلت المقالة حتى رحت أهجس بعشق الجبال بل ورحت أتساءل هل تُعشق الجبال؟!
ثم رحت أحُلّق خارج فضاء الذاكرة المحتشدة بالأساطير والخرافات والحكايا والمثيولوجيا وأعدت السؤال مرة ثانية للذهن وهل تعشق الجبال؟
(الجبلات) أو التلال أو (الهضبات) أو كل ما ارتفع عن البسيطة الأرض فتذكرت أن الجبال تعشق بالفعل (!!) تماماً كما عشق (سنام طميّة) وهما جبلان قائمان إلى الآن.
فالأسطورة الصحراوية تتحدث أن (طميّة) وحبيبها (سنام) اختصما في الليل فغضب سنام غضباً كبيراً عليها وحينما أغفت وأخلدت للنوم (سرى) هارباً ومبتعداً عنها كنوع من العقوبة (الفحولية) الأزلية، وقيل إنها حينما انتبهت من غفوتها تلك رأته يمضي بعيداً في الأرض وصاحت به توقف يا حبيبي سنام (!!) وقيل إن مساره الليلي هو الذي شكّل مجرى وادي (الرمه) العظيم الذي ينتهي إلى جبل سنام على حدود الكويت - العراق، لذلك قال الناس مثلاً لمن لا يودون رضاءه (زعل سنام على طميّه!).
وأيضاً تذكرت جبلين شامخين في شمال جزيرتنا العربية التي تطفح بالمحبة قيل إنهما أخذا اسميهما من عاشقين من العرب البائده - العماليق - تحديداً جاءا في الجنوب اتجاه الشمال أحدهما اسمه (أجا) - الرجل و(سلمى) المرأة وقيل أن القبيلة لحقتهما في منطقة حائل الآن فقتلت (أجا) وقيل أنها (سلمت) سلمى ومازالا الجبلين يحملان اسمي هذين العاشقين إلى يومنا الحاضر.
**
يبقى القول أخيراً أن أجمل قصة حب (حديثة) في جزيرتنا العربية التي تموج رمالها (بالحب) والمحبة هي القصة التي تناولتها وكالات الأنباء لا الأساطير ولا الخرافات ولا (الركبان) (!!).
إذ تقول القصة الواقعية - الأسطورية أن شيخاً سعودياً مسناً كان يعشق فتاة في أيام الصبا وقد حالت العادات والتقاليد أن يتزوجا - بسبب - الحجر- فتزوج غيرها عدة نساء طول عمره المديد.. وتزوجت غيره عدة رجال طول عمرها المديد - وبعد أن بلغ العاشق (90) عاماً من العمر والعشيقة مثل ذلك. وحينما ماتت زوجته الأخيرة حقق حلمه الأزلي بالزواج من محبوبته الأولى بعد قرن من الزمان.
بالطبع هذه ليست أكذوبة أو فبركة صحفية - فالعريسان السعيدان اللذان يبلغا من العمر ما فوق الثمانين ها هما يعودان إلى أحلامهما الأولى في أيام الصبا لتحقيقها حتى آخر العمر وفي مدينة النعيرية شمال شرق مملكة المحبة.