أرقب بألم، وأرصد بحذر مشوب بالخوف، حالات الهروب الجماعي من المنزل من لدن جميع أفراد الأسرة.
ففي الوقت الذي يرتب نفسه للاتجاه نحو الاستراحة، نجد على الطرف الآخر سيدة المنزل تستنفر بعض أفراد الأسرة للخروج لاستراحة أخرى أيضا! وغير بعيد ترى ابنهم الشاب يرتدي ملابسه استعدادا للسهر في استراحة ثالثة! أما الفتيات فهن إما يرفضن مرافقة والدتهن للخروج بدعوى الملل، أو لأنهن يتهيأن لاستقبال صديقاتهن بالمنزل أو يتجهزن لزيارة في بيت إحدى الصديقات!
ومصدر ألمي هو شيوع ظاهرة تشتت الأسرة في أيام الإجازة الأسبوعية التي يفترض أن تكون فرصة للاجتماع العائلي! فما الذي أصاب أسرنا السعودية من تفكك؟ وما هذا المرض الذي ينخر بهيكلها؟ على افتراض سلامة تلك الاستراحات من أية سلبيات!
ولا أحسب أن شخصا حصيفا يشجع على وضع الاستراحات الحالي؛ حيث تسببت في ارتفاع أسعار الأراضي بدرجة مهولة، ولا ننكر أنها أحد أسباب الهدر في المياه والكهرباء، فضلا عن الوقت الذي يبدو أنه أقل الاهتمامات وهم سيسألون عنه يوماً ما. كما زادت من استقدام الأيدي العاملة وما يسببه وجودهم فيها بمسمى حارس من خطورة أمنية، فما اجتماع تلك العمالة غالباً إلا على مفسدة سواء التخطيط للسرقات أو تصنيع الخمور، ناهيك عن إمكانية التخطيط لعمل إرهابي. وكثير ممن تم القبض عليهم كانوا يستخدمون الاستراحات مكاناً لوضع استراتيجيات إرهابية.
وإن حدثتكم عن تردد الشباب عليها واتخاذها مسكناً، ولمشاهدة بعض القنوات الإباحية فذلك خطر لا يمكن التغاضي عنه إطلاقاً؛ حيث يهرب إليها بعض الطلبة من مدارسهم وبعض الموظفين من أعمالهم، ويتخفف فيها أرباب الأسر من مسؤولياتهم، ولا أبالغ إن قلت يتخلون عنها بلا حياء! حيث يجلبون لأصدقائهم من أطايب الطعام والشراب والأثاث بينما يدعون أسرهم (تدبر حالها)! ورويدا رويدا ينسلخون عنها ويتركونها فريسة للانحراف أو الضياع إن لم تكن هناك امرأة عاقلة مدبرة تتحمل المسؤولية!
ولا يعني ذلك أن وجود الاستراحات يحمل سلبيات دون إيجابيات! إلا أنه ينبغي وضع ضوابط لها، والاهتمام بذلك ابتداء من نشر الوعي الاجتماعي بضرورة الالتفاف الأسري، وتقنين الخروج من المنزل وكثرة الزيارات التي تسبب التفكك العائلي، وتقلِّص من روابطها التي ينبغي أن تكون متينة. ويجدر برب الأسرة القيام بهذا الدور التربوي البالغ الأهمية، ونهاية بتحمل الجهات الأمنية والشرعية مسؤولية مراقبة أوضاع الاستراحات من الداخل والخارج، مروراً بتوفير وسائل السلامة والأمن. كما ينبغي أن يكون الإيجار عن طريق مكتب متخصص حسب الفئة بإشراف هيئة السياحة وإدارات الأمن، وضرورة معرفة الغرض من الإيجار.
وإن الأمل ليحدو سكان المدن بزيادة أعداد الحدائق العامة وتنظيمها وتزويدها بالألعاب المناسبة، وإنشاء نوادٍ عائلية منفصلة ذات خصوصية في الأحياء بحيث تقام فيها المناسبات والأعياد، وتكون مكاناً ملائماً لالتقاء سكان الحي، أو تأجيرها لهم لإقامة اجتماعاتهم الخاصة، بحيث لا تؤجر إلا لسكان الحي فقط ليسهل متابعتها ذاتياً منهم.
rogaia143 @hotmail.Com
ص. ب 260564 الرياض 11342