تحليل - وليد العبدالهادي
يبدو أن الأزمة المالية تخفي في ثناياها مشاهد كثيرة ضمن فصول متنوعة تعرض من خلف قضبان البنوك المركزية تحت مسمى (الهروب من الكساد) تماما مثلما يحدث في المسلسل الأمريكي الأوسع انتشارا، وبعد زوال الصدمة تأتي المواجهة حيث تصدت البنوك المركزية للأصول المتعثرة بخطط إنعاش تمخض ذلك عن عمليات تجميل لقوائم مالية تخص بعض المصارف المالية القيادية في أمريكا (تزعم بأنها حققت أرباحا تشغيلية). واستغلت البنوك المركزية الانتعاشة المفاجئة لأسواق الأسهم بالإعلان عن رغبتها في شراء سندات تهدف من خلالها إلى ضخ المزيد والمزيد من السيولة تشجيعا لتدفق الاستثمارات وعلى أثر ذلك اتفق الوزراء في قمة العشرين بمضاعفة تمويلها لصندوق النقد الدولي.
نشوة أسواق الأسهم والسندات جاءت أيضا مدعومة بقرار (OPEC) حول تثبيت مستويات إنتاجها للنفط وفي ذلك رسالة للدول الصناعية وكأنها تقول إن الأسعار الحالية للبرميل يمكن أن تعيد الحياة لمصانعكم، ومما لا شك فيه أن الأصول المالية التي كانت أشد تأثرا في بداية الأزمة مثل الأسهم وعملات العائد المرتفع جاء دورها وهذا هو موسمها.
* الدولار الأمريكي: شراء الديون بسندات طويلة الأجل والإبقاء على تثبيت سعر الفائدة هو أفضل الخيارات المتاحة لقرار الفدرالي الأمريكي المرتقب، ومع تحسن مؤشر أسعار المنازل ومؤشر مبيعات التجزئة وأنباء عن أرباح تشغيلية لكبرى البنوك انعكس ذلك بالإيجاب على أسواق الأسهم الأمريكية والعالمية لكن على حساب الدولار الذي يتحرك عكسيا مع أية أخبار من هذا النوع حيث تقع هذه العملة في منطقة تداول وعرة بين 85 و89 أمام سلة من العملات تنتظره تداولات عنيفة قد تدفعه نحو سلوك تصحيحي حاد.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي:
للمرة الثانية خلال هذا العام يرتفع مؤشر تصاريح البناء الأمريكي إلى 547 ألف وحدة من 521 ألف وحدة للقراءة السابقة كذلك سجل مؤشر أسعار المنازل الأمريكية الجديدة لشهر فبراير 583 ألف وحدة مقارنة بالقراءة السابقة بعدد 466 ألف وحدة. نجد مقابل ذلك في أوروبا تثبيت لأسعار الفائدة مع تحسن لمبيعات التجزئة لشهر يناير لتصل إلى ما نسبته 0.1% مقابل 0.0% وهذا يوضح بأن معدلات الاستهلاك بدأت تتنفس قليلا، ولكن يبدو أن سر تفوق اليورو على الدولار الأيام القليلة الماضية هو الارتداد الكبير في البورصات الأوروبية.
ومن الناحية الفنية خرج الزوج من حيرته التي استغرقت حوالي ستة أسابيع منذ أن اخترق خط الاتجاه الهابط الفرعي عند 1.2724 مستهدفا منطقة 1.33 للأسبوع القادم وما زال الوقت مبكرا للحديث عن اتجاه صاعد رئيسي ما لم يتخط الزوج وبعزوم قوية خط الاتجاه الهابط الرئيسي ذا اللون الأحمر.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي - أسبوعي
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي:
انتقلت حمى شراء السندات إلى الاقتصاد البريطاني أيضا والتي تقدر بحوالي 75 مليار جنيه بهدف رفع منسوب السيولة في الأسواق المالية خصوصا مع تدهور العجز في الميزان التجاري الذي وصل إلى 7.745 مليون جنيه وفقا لقراءة شهر يناير، مما رفع من شهية المخاطرة هناك وزاد الإقبال على شراء الأوراق المالية المرتفعة عوائدها كالأسهم والعملة البريطانية في الوقت الذي يعاني فيه الدولار تداولات ثقيلة تضغط عليه من كل صوب حتى الدولار الكندي والاسترالي نالا منه.
وإذا ربطنا هذه العوامل بعضها ببعض نستنتج بأن الزوج مقبل على صفقات شرائية ضخمة في حال تم تجاوز خط الاتجاه الهابط بالقرب من مستوى 1.43 والزخم الثيراني المتمثل بالمشترين والذي أظهر انحرافا إيجابيا يخفي ذلك، والمقصود بالانحراف الإيجابي الحاصل هو هبوط متدرج لحركة الزوج السعرية يقابله صعود متدرج وخفي للسيولة الشرائية.
الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي - يومي
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني:
ما يحدث في اقتصاديات الغرب يحدث تماما في الشرق حيث لم يكن الاقتصاد الياباني مغردا خارج السرب بل أعلن المركزي عن نية قريبة لشراء ديون اقتصاده بالسندات وتثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها القديمة 0.10% وبعد صدور تقرير حول الإنتاج الصناعي الياباني جاءت القراءة النهائية لهذا المؤشر المتعلقة بشهر يناير منخفضة بنسبة 10.2% أقل من القراءة السابقة التي كانت منخفضة بنسبة 10.0% أيضا أعلن عن بيانات ثقة المستهلك التي جاءت مرتفعة لشهر فبراير بقيمة 27.6 أعلى من القراءة السابقة التي كانت مرتفعة بقيمة 27.0 ووفقا للعلاقة العكسية بين هذه البيانات وبين أداء هذا الزوج يمكن القول بأن الحركة السعرية له كانت خارج التغطية مما جعله يبدو معلقا بين مستويات ضيق ة كما هو واضح في الخارطة السعرية.
ويتحرك الزوج هذه الأثناء ضمن قناة سعرية أفقية كسر من خلالها خط الاتجاه الصاعد الفرعي عند مستويات 98.44 وتفوق البائعين على المشترين في هذه المنطقة ولا يمكن تأكيد مدى إستمرارية ذلك حيث من المتوقع أن يتم ملامسة خط الإتجاه الصاعد الرئيسي في حدود 94-96 ريثما تهدأ أسواق الأسهم في أمريكا واليابان تحديدا.
الدولار الأمريكي
مقابل الين الياباني - يومي
* اليورو: جاءت بيانات مؤشر أسعار الجملة الألماني لشهر فبراير منخفضة بنسبة 0.1% وهي أعلى من القراءة السابقة المنخفضة بنسبة 0.4% ولا ننسى مؤشر أسعار المنتجين لألمانيا في شهر يناير الذي تراجع إلى 1.2% مقارنة بالنتيجة السابقة التي انخفضت 0.8% مما سيحد من حجم الإنفاق وبالتالي انحسار للتضخم. أما بالنسبة لحركة اليورو أمام سلة من العملات نجد التهديد الوحيد قد يأتي من الين في حال لم تستجب الأسواق المالية لجهود المركزي الأوروبي.
* الجنيه الإسترليني: عندما نلقي نظرة أوسع على حركة الجنيه أمام العملات الرئيسية خصوصا الين والدولار الأمريكي نجد أنه على المدى الشهري مرشح لارتداد قوي حتى أمام اليورو قد يصل لنقطة التعادل من جديد وللمرة الثانية في هذا العام، أما بالنسبة للأساسيات فهو معرض لبيانات متأرجحة لا يمكن التعويل عليها إلا على المدى اليومي واللحظي باستثناء ما قد يظهر من مبشرات حقيقية حول أثر السندات الحكومية ومؤشر ثقة المستهلكين خلال الأسابيع القادمة.
waleed.alabdulhadi@gmail.com