زايد الحصان
لقد أضحى الإعلام المتخصص اليوم سلعة حيوية في عالم المال والأعمال وتعاظم دوره حتى أصبح شريكاً أساسياً في نجاح العديد من المشروعات الاقتصادية بما يقدمه من تحليل وطرح للقطاعات الاقتصادية بطريقة احترافية جذابة تساعد تلك المشروعات.
واستشعارا منها بأهمية الدور المهم الذي يلعبه الإعلام في تطوير ودعم مشروعات التنمية المحلية، قامت غرفة الرياض حديثاً بإنشاء لجنة الإعلام الاقتصادي لتنضم إلى منظومة اللجان الفاعلة الأخرى التابعة للغرفة. وهي خطوة إيجابية ومحمودة تعكس الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الغرفة في خدمة الوطن والمواطن في شتى المجالات الاقتصادية، وهي بهذا التوجه الجميل تفتح نافذة كانت مغلقة لسنوات أمام الإعلام الاقتصادي المحلي المتخصص، حيث ظلت الجهات ذات العلاقة من مؤسسات خاصة ورسمية وتعليمية وجمعيات علمية كجمعية الاقتصاد السعودية بمنأى عن التعاطي مع مفهوم الإعلامي الاقتصادي المتخصص وتركت الحبل على الغارب، فما نشاهده يومياً في وسائل الإعلام المختلفة الرسمية والخاصة من تعاطٍ خاطئ وغير مهني مع المعلومة الاقتصادية على الرغم من أهميتها من الممكن أن يؤدي إلى حدوث خسائر لا يعلم مداها إلا الله فيما لو تم تفسيرها وتحليلها في أي وسيلة إعلامية بشكل خاطئ وغير مقصود، وبالتأكيد لا يتحمل من نقل المعلومة بشكل غير صحيح في أي وسيلة إعلامية وزر (جهله) بقدر ما (نتشره) على الوسيلة الإعلامية التي تسمح لمن لا يملك الحد الأدنى من العلوم الاقتصادية والمالية بالاجتهاد لتفسير أنواع مختلفة من المعلومات والبيانات الاقتصادية التي لا يستطيع قراءتها وتفسيرها إلا من يملك أدوات التحليل والقياس.
ولاشك أن مجال التحليل الاقتصادي والمالي لا يمكن (تدارسه) من خلال دورات قصيرة فهو يتكون من خليط متكامل من المعارف والأدوات يحتاج دارسها إلى فترات زمنية ليست بالقصيرة، كما أن دراسته يجب أن تكون على يد (متمرسين) وليس على يد من يسمون أنفسهم المدربين من تجار الشنطة الذين يستغلون حاجة الكثيرين من أبناء هذا الوطن إلى تعلم ودراسة العديد من المعارف الاقتصادية والمالية رغبة منهم في إدارة أموالهم واستثماراتهم بصفة شخصية أو لمراقبة ومتابعة استثماراتهم التي تتوزع على جهات وأسواق استثمارية مختلفة.
ومما يستحق الذكر حقيقة هو الإشادة بالعديد من الصحف الاقتصادية اليومية التي تقوم بتخصيص عدد من الملاحق الأسبوعية المتخصصة لتغطية الكثير من الموضوعات الاقتصادية وبصفة خاصة نشاط سوق الأسهم، حيث تتناوله بالتفسير والتحليل، كما تنشط بعض القنوات الفضائية المتخصصة التي لا تألو جهداً في استضافة العديد من المتخصصين في مختلف العلوم الاقتصادية والمالية، كل ذلك جهد مشكور يحسب لمن يتولون أمر إدارة الأقسام الاقتصادية في بعض الصحف المحلية وبعض القنوات الفضائية.
ولعلني أجد أنها فرصة مناسبة لأن أطرح موضوعاً في غاية الأهمية هنا حيث يتجه الاقتصاد السعودي إلى الدخول في مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية (النوعية) التي في ظني أننا بإمكاناتنا الإعلامية الحالية لن نكون قادرين على التعامل مع تلك المرحلة، حيث تتميز تلك النقلة الاقتصادية النوعية بأبعادها العلمية التخصصية التي يتكون منها اقتصاد المعرفة، وهذا يتطلب من الوسط الإعلامي الاقتصادي إحداث نقلة (نوعية) متوازية في إماكاناتها البشرية والتحريرية و(المادية) لتكون قادرة على التعاطي والتعامل مع المرحلة الاقتصادية الجديدة. وعليه أتمنى أن تقوم جميع الوسائل الإعلامية المحلية بالعمل على تطوير كوادرها الإعلامية وتفريغها للعمل المهني، حتى نرى في المستقبل المنظور الصحفي الاقتصادي المتخصص والمذيع الاقتصادي المتخصص، والقادر على تفسير وتحليل الكثير من الموضوعات الاقتصادية ولديه القدرة على التعامل والتحاور مع المتخصصين من حملة المؤهلات العالية في الجوانب الاقتصادية والمالية والمحاسبية ليكون قادراً على توضيح المعلومة ودلالاتها للكثير من المتلقين والباحثين عن المعلومة الصحيحة.
وختاماً أتمنى أن توفق اللجنة الإعلامية الاقتصادية في الغرفة التجارية بالرياض في إحداث النقلة النوعية المطلوبة وأن تفتح أبواباً للتعاون مع الجهات التعليمية الأكاديمية وغيرها من الجهات ذات المصداقية العلمية لإحداث النقلة النوعية المنشودة في العمل الصحفي المتخصص، وأخيراً شكراً من القلب لكل من بذل جهداً في إنشاء لجنة الإعلام الاقتصادي بالغرفة وعلى رأسهم القلب النابض للغرفة الشيخ عبد الرحمن الجريسي وأمينها الأستاذ حسين العذل، مع تمنياتي لرئيس اللجنة وأعضائها بالتوفيق والنجاح.
أستاذ العلوم الاقتصادية والمالية بجامعة الملك سعود
alhosaan@gmail.com