فضل بن سعد البوعينين
أجد متعة خاصة وأنا أتابع تقارير قناة (العربية) ما قبل افتتاح السوق السعودية، خاصة فيما يتعلق ب (سيرك) أوامر المضاربين على الأسهم القيادية. طلبات متنوعة تدخل وتسحب، أو يتم أجراء تعديلات جذرية على أسعارها دون حسيب أو رقيب!. ما المانع، طالما أن تعديل الأوامر يتم وفق النظام المسموح به في السوق. تعابير الدهشة والاستغراب عادة ما ترتسم على وجه مقدمة برنامج (ما قبل الافتتاح) وتتحول في بعض الأحيان إلى تعليقات (استهجانية). رسائل متخصصة، ونصائح استرشادية تقدم بأسلوب حضاري لأصحاب القرار إلا أنها تبقى ضمن الرسائل التي يعجز الكثير عن قراءتها، لا بسبب صعوبة فك شفرتها، بل لأنهم، ببساطة، لا يرغبون الاطلاع عليها.
طلبات ما قبل الافتتاح أحد أهم المؤشرات الأولية التي يبني عليها المتداولون توقعات تداولات اليوم. وتزيد أهميتها إذا ما ارتبطت بأخبار ومتغيرات يتم الإعلان عنها في الفترة الواقعة ما بين إغلاق الجلسة الماضية وافتتاح الجلسة الجديدة. تمثل أسعار وكميات طلبات ما قبل الافتتاح المحرك النفسي لكثير من المتداولين، ويطلق عليها البعض (فأل الأوامر) وهو نوع من التطير المنهي عنه في الإسلام. (فأل الأوامر) لديه القدرة على تحديد وجهة السوق، على الأقل في فترة الافتتاح، وتبقى وجهتها الحقيقية مرتبطة بتوجهات مستغلي الأنظمة لتحقيق مصالحهم الخاصة. من السهل على كبار المضاربين قلب إيجابية السوق المتوقعة إلى سلبية من خلال أوامر ما قبل الافتتاح، وربما دفع ذلك بعض المتداولين إلى تتبع خطوات الاحتيال وعرض أسهمهم بأقل من أسعار الإغلاق لأسباب نفسية صرفة. المصيبة تكمن في قدرة المحتالين على إلغاء أوامرهم قبيل الافتتاح، بعد إحداث الأثر النفسي، مستفيدين من إمكانياتهم التقنية، والتنفيذية الخاصة التي قد لا تتوفر لغالبية المتداولين، وبذلك يحكمون قبضتهم على تداولات الافتتاح المؤثرة دون أن يضحوا بسهم واحد. قد يضحي هؤلاء ببعض أسهمهم بأسعار متدنية، إذا ما تطلب الأمر(عُمقا) في الإقناع والتظليل، معتمدين على سياسة إرهاب المتداولين وإرغامهم على التخلص من أسهمهم بأسعار زهيدة، وكميات قد لا تتوفر لهم في الأوقات الطبيعية. عادة ما يعتمد قرار التضحية بالأسهم القليلة في مقابل جمع كمية أكبر على معلومات داخلية، أو خطط مضاربية تضمن للسهم تحقيق ارتفاعات قياسية مستقبلاً.
(فأل الأوامر) يمكن أن يستخدم أيضاً لخداع المتفائلين أنفسهم، وإيهامهم بإيجابية السوق السلبية، ودفعهم لتلقف الأسهم ب(سعر السوق) دون تبصر. للأسف الشديد يكتشف كثير من المتداولين، المؤمنين بتحليل فترة ما قبل التداول، وربطها بالأخبار المعلنة، وربما بشائعات بعض المتآم رين، أنهم ركبوا السفينة الغارقة حين قفز عنها ربانها، وطاقمها، وبعض الركاب الحذقين.
(أوامر ما قبل الافتتاح) تبقى وسيلة من وسائل الاحتيال (النظامية) بسبب قدرة المتآمرين على تسخيرها لخدمة خططهم اليومية، ضد مصلحة السوق والمتداولين. نطالب هيئة السوق المالية بوقف خاصية تعديل الأوامر، أو إلغائها، خلال خمس عشرة دقيقة قبيل الافتتاح لضمان جدية الأوامر والأسعار، ولمنع إحداث التأثير، السلبي أو الإيجابي من خلال الأوامر الوهمية، أو ما يمكن أن يطلق عليها مجازاً اسم: (أوامر الاحتيال).
F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM