الرياض - الجزيرة
اعتبر المحامي ومستشار هيئة سوق المال سابقاً إبراهيم الناصري هيئة السوق الأمريكية جزءاً في نشوء الأزمة الحالية، وقال إن الشرارة الأولى التي قدحت زناد الأزمة المالية الحالية انطلقت من الأوراق المالية الرديئة المتداولة بين المؤسسات المالية الأمريكية؛ ولذلك وصفت الأزمة في بداية نشوئها ب(أزمة الأوراق المالية الرديئة).
وبيّن الناصري في معرض رده على أسئلة قراء (الجزيرة) أن الأوراق المالية الرديئة لم تخضع للتسجيل لدى الهيئة؛ لأن الجهات المُصدرة لها هي في الغالب ما يعرف بصناديق التحوط الحديثة النشوء والغامضة، وهي مُستثناة من قبل الهيئة من التسجيل والمراقبة؛ وذلك لأسباب قد تكون فلسفية, والسائد في الفكر القانوني الأمريكي إبعاد قيود التنظيم عن المنتجات الجديدة (مواقع الإنترنت مثلاً) من أجل ترك أكبر قدر من مساحة الحرية لها كي تنمو وتزدهر. ولما كان لدى الهيئة صلاحيات قانونية كافية لإدخال هذه الأوراق المالية والصناديق ضمن مجالها الرقابي لو أرادت ذلك، فقد اتُّخذ هذا التوجه مُبرراً لتحميلها جزءاً من المسؤولية إزاء الأزمة المالية، وهو أمر لا يخلو من الصحة.
وفيما يلي نص أسئلة القراء وإجابات مستشار السوق:
* هل هناك أي دور لهيئة السوق الأمريكية في نشوء الأزمة الحالية، علماً بأنني قرأت بعض ما يؤيد ذلك؟
عبدالرحمن العبدان - الرياض
- إن التساؤل بشأن دور هيئة الأوراق والأسواق المالية الأمريكية في الأزمة المالية الحالية أمر له ما يبرره؛ لما لها من دور تنظيمي ورقابي على إصدار وتداول الأوراق المالية في السوق الأمريكية، وكذلك تنظيم الأسواق (البورصات) التي يتم التداول من خلالها. ومعلوم أن الشرارة الأولى التي قدحت زناد الأزمة المالية الحالية انطلقت من الأوراق المالية الرديئة المتداولة بين المؤسسات المالية الأمريكية؛ ولذا وصفت الأزمة في بداية نشوئها ب(أزمة الأوراق المالية الرديئة). ومن الجدير بالذكر أن هذه الأوراق المالية الرديئة لم تخضع للتسجيل لدى الهيئة؛ لأن الجهات المُصدرة لها هي في الغالب ما يعرف بصناديق التحوط، الحديثة النشوء والغامضة، وهي مُستثناة من قبل الهيئة من التسجيل والمراقبة، وذلك لأسباب قد تكون فلسفية؛ فالسائد في الفكر القانوني الأمريكي إبعاد قيود التنظيم عن المنتجات الجديدة (مواقع الإنترنت مثلاً)؛ من أجل ترك أكبر قدر من مساحة الحرية لها كي تنمو وتزدهر. ولما كان لدى الهيئة صلاحيات قانونية كافية لإدخال هذه الأوراق المالية والصناديق ضمن مجالها الرقابي لو أرادت ذلك؛ فقد اتُّخذ هذا التوجه مُبرراً لتحميلها جزءاً من المسؤولية إزاء الأزمة المالية، وهو أمر لا يخلو من الصحة؛ فلم تكن الهيئة بعيدة عن التوجهات الفلسفية لإدارة الرئيس (بوش) التي تبنت نظرية اقتصادية متحررة جداً بما في ذلك التعامل مع موضوع بالغ الحساسية كالسوق المالية؛ ففي عام 2005 انتهز الرئيس بوش انتهاء فترة رئاسة رئيس الهيئة آنذاك فاختار رئيساً جمهورياً من قلب قطاع المال والأعمال في نيويورك هو رئيس بورصة نيويورك السابق (كوكس)، خريج جامعة هارفرد في القانون، وذو التوجهات الفكرية المتناغمة مع تيار إدارة الرئيس (بوش) من حيث التقليل من الدور التنظيمي للدولة في الاقتصاد. وقد أذهل هذا الاختيار المتهور المراقبين بالنظر إلى حساسية منصب رئيس الهيئة وأهمية الدور التنظيمي فيه؛ حتى أن أستاذاً في القانون من جامعة ديوك (جيمس كوكس) أشار إلى أنها ربما تكون المرة الأولى في تاريخ الهيئة التي يعين فيها شخص بهذا المنصب لأسباب سياسية. ووصف المحامي (وليم ليراك) المعروف بقضايا السوق المالية هذا الاختيار بأنه أشبه بحبس ثعلب مع حظيرة دجاج. وفي ذروة الحملة الانتخابية الرئاسية وجه المرشح الجمهوري (مكين) انتقادات لاذعة لرئيس الهيئة ووعد بحمله على الاستقالة في حالة ترشيحه (لا يملك الرئيس الأمريكي صلاحية إقالة رئيس الهيئة). والآن اختار الرئيس (أوباما) رئيساً جديداً للهيئة هو السيدة (ميري سكابيرو) عضو الحزب الديموقراطي والمحامية المتمرسة وذات التوجهات المتشددة من حيث الدور التنظيمي للهيئات الرقابية. ومن أقوالها المشهورة: (يمكن أن يفهم المستثمرون ويقبلوا بالفقاعات الفنية في الأسعار أو حتى بالكساد؛ فهذان يتماشيان مع حرية الأسواق. ما لا يمكن لهم أن يقبلوا به وجود تنظيم لا يستطيعون الوثوق به؛ ولذلك فمن الأهمية بمكان كبير لنا جميعاً العمل معاً من أجل حماية ذلك الإحساس بالأمانة وتعزيز الثقة بين المستثمرين).
* نسمع عن الشراء بالهامش؛ فما هو؟ وهل هو موجود في المملكة؟ وما الفرق بينه وبين البيع على المكشوف؟ وما دوره الإيجابي إن وجد؟
محمد العنزي - عرعر
- الشراء بالهامش هو اقتراض العميل لمبلغ من المال من شركة الوساطة التي يتعامل معها بغرض تمويل شراء أسهم، واستخدام تلك الأسهم كضمان للمديونية. ويلجأ المستثمرون إلى الشراء بالهامش بغرض زيادة القوة الشرائية المتاحة لهم ليحصلوا على عدد أكبر من الأسهم دون أن يسددوا كامل قيمة تلك الأسهم؛ وبالتالي تحقيق عائد أعلى على قيمة استثماراتهم النقدية في حالة ارتفاع سعر تلك الأسهم. ويعد الشراء بالهامش من مصادر الخطورة الكبيرة على المستثمرين وعلى الأسواق؛ ولذلك يخضع لمعايير متشددة في مجال الملاءة المالية لشركات الوساطة التي تتعامل به. وهذا النوع من التعامل مسموح به في المملكة ومنظم في لائحة الأشخاص المرخص لهم، الصادرة من هيئة السوق المالية. أما البيع على المكشوف فإنه اقتراض المستثمر أسهماً من مساهم آخر لمدة زمنية محددة مقابل مبلغ من المال، ثم بيعها الآن تربصاً لانخفاض سعرها في المستقبل قبل انتهاء فترة الاقتراض، ومن ثم شراؤها وإعادتها إلى المُقرض والاستفادة من الفرق في الثمن كربح للمستثمر. والبيع على المكشوف يعد من أنواع المراهنة على انخفاض السعر بسبب الاعتقاد أنه مقيَّم بأعلى من ثمنه العادل أو لأي أسباب أخرى؛ ولذلك فإنه عالي الخطورة. والفتوى الشرعية الآن تقضي باعتباره من أنواع المعاملات المحرمة، وهو ممنوع في المملكة، والذين يدافعون عنه يرون أنه من عوامل تحريك الأسعار نحو المنطقة العادلة؛ وبالتالي زيادة كفاءة السوق، ولكن المُشكلة في كونه يساء استغلاله ويستخدم للتلاعب في الأسعار ودفعها نحو النزول المصطنع. وفي الأزمة الحالية علقت بعض البورصات البيع على المكشوف بصورة مؤقتة، وبالذات في أسهم الشركات المالية. وهناك نوع آخر من هذا التعامل يسمى (البيع العاري) وهو البيع على المكشوف ولكن من دون اقتراض للأسهم محل البيع. وبحسب علمي فإن جميع الأسواق المُنظمة تمنع هذا التعامل وتُجرمه؛ لأنه يُتيح مدى غير محدد للتلاعب بالأسعار.
* تكرر استخدام عبارة (الأسهم الاسمية) في نظام الشركات؛ فما المقصود بها؟
نجلاء سلامة - المدينة المنورة
- نصت المادة التاسعة والتسعون من نظام الشركات على أنه يجوز أن يكون السهم اسمياً أو لحامله؛ فقد كانت الأوراق المالية في الماضي، كالأسهم والسندات، تنقسم إلى نوعين من حيث إثبات الملكية وآلية التداول. نوع يوصف بأنه (لحامله) والآخر يسمى (اسمي). فالسهم أو السند الذي يكون لحامله يملكه من يحوزه، بغض النظر عن هويته الشخصية، ويتم تداوله بمجرد المناولة (المادة 102 من نظام الشركات) فهو في ذلك كالورقة النقدية. وعند استحقاق الربح (بالنسبة للسهم) أو العائد (بالنسبة للسند) يتقدم من يحوز الورقة المالية إلى الجهة المُصدرة للحصول على المبلغ. وتوفر هذه الخاصية ميزة كبيرة في الماضي تتمثل في تيسير تداول الورقة المالية وسرعة تسييلها عند الحاجة، ولكنه يحمل مخاطر عالية مثل الضياع والسرقة والتلف. وقد انقرض هذا النوع من الأوراق المالية بعد تضاؤل تلك الميزة أمام سهولة إجراءات التداول. ويفترض أن تتكيف الصياغات الجديدة للأنظمة واللوائح مع هذا التطور. أما الورقة المالية الاسمية فهي التي ترتبط باسم مالكها المقيد لدى جهة الإصدار أو مَن يقوم مقامها، مثل مركز الإيداع في المملكة.
* يحتوي نظام الشركات على نصوص تتعلق باندماج الشركات وأصدرت هيئة السوق المالية لائحة بهذا الموضوع.. ألا يوجد تعارض بين هذه التنظيمات؟
سليمان العيسى - الرياض
- اقتصر نظام الشركات على بيان الأحكام العامة المتعلقة باندماج الشركات على وجه العموم، مبيناً في ثلاث مواد فقط مبدأ جواز الاندماج وبيان المقصود به، واشتراط صدور قرار الاندماج من كل شركة وفقاً للأوضاع المقررة لتعديل عقد الشركة أو نظامها، وأن هذا القرار لا ينفذ إلا بعد تسعين يوماً من إشهاره ونشره، وذلك من أجل ترك فرصة للدائنين للاعتراض على الاندماج. أما لائحة الاندماج والاستحواذ الصادرة عن هيئة السوق المالية فإنها تختص بشركات المساهمة المُدرجة في السوق، وتحتوي على ثمان وثلاثين مادة في أربع وثلاثين صفحة، تُبين بالتفصيل الإجراءات والأحكام المتعلقة بالاندماج والاستحواذ؛ ولذلك من غير المتصور نشوء تعارض بين النظام واللائحة.