أولاً أحمد الله أنني سعودية حتى يمكنني القرار الذي صدر بصرف 25% كبدل اكتمال للنصاب للأساتذة في الجامعات السعودية من الحصول عليه وذلك بسبب قصر القرار أحقية الحصول على هذا البدل على السعوديين فقط!!
ومن منا لا يبحث عن زيادة في دخله تمكنه من مواجهة (محيطات) التضخم التي عصفت بنا كما أن هذا البدل (ولو أنه مجرد بدل سينطفئ بعد عمر مديد بالتقاعد!! ولنتذكر ذلك كدكاترة سعوديين!!!)
يجعلنا لا نقف في حياء وتعثر أمام زملائنا من الموازين لنا في الدرجة والذين يشتغلون في جهات أخرى وخاصة القطاع الخاص ويحصلون على أضعاف ما نحصل عليه من مرتبات غير البدلات والسكن الخ.
المشكلة في هذا القرار هي العاصفة التي أحدثها في الأقسام داخل الجامعات إذ تكالب الكل في محاولة لاصطياد ما يستطيع تجميعه من ساعات بغض النظر عن كفاءته أو قدرته أو دقة التخصصات وفرعيتها أو الاهتمامات البحثية ورأينا صوراً مفزعة للفوضى العلمية تعج الأقسام من أجل إرضاء الحبايب وتمكين الجميع من الحصول على البدل وشمر زملاؤنا من الرجال في أقسام الذكور للحصول على الساعات التدريسية بسحبها من الزميلات في الأقسام النسائية بعد أن كانوا في سبات عميق قبل صدور القرار المذكور طالما أن الراتب مضمون فهم موظفو دولة!!
المسألة الأخرى المتعلقة بالقيم الجامعية (Ethics) والتي أثارها القرار هي ماله علاقة بإخواننا وأخواتنا من المتعاقدين والمتعاقدات الذين نعرف أن الكثير منهم يحمل أنصبة أكثر من كاملة منذ شرفونا بقدومهم للعمل معنا كما أنهم في الغالب الأعم هم من يقوم بالمهام الفعلية للكثير من اللجان الأساسية في الأقسام مثل الجداول أو الاختبارات أو الدراسات العليا أو لجان الجودة وتحقيق المعايير الأكاديمية فلماذا وحين رغبت الجامعة في تحفيز أعضائها عملت على تثبيط همة زملائنا من المتعاقدين بقصر مكافأة تقدير الجامعة لجهد وتميز الأستاذ وحرصه على تأدية كامل عمله علي السعوديين فقط. إذن هل المطلوب منهم ألا يعنوا بالحصول على كامل النصاب؟ وماذا عن جهودهم في اللجان وهي التي لن تحسب لهم كساعات مكملة للنصاب كنظرائهم من الأساتذة السعوديين ؟ هل هي دعوة لهم للتقاعس التدريجي عن العمل في هذه اللجان وتخيل حال الفوضى التي ستعم الديار إن قرروا ذلك؟؟؟
لقد سمعتها من العديد منهم ممن أثروا الحديث بصراحة عن شعورهم بالغبن تجاه قرارا كهذا فهم يدرسون في العادة الساعات الزائدة ويؤدون العمل الفعلي في اللجان وكتابة التقارير والتغطية والمثابرة بالحضور وهم متواجدون أكثر بكثير من العديد من السعوديين وفي النهاية لا يحتسب لهم أي من ذلك فهل نتوقع منهم أداءً مماثلاً لما كان عليه في سنوات سابقة قبل صدور القرار؟ أشك في ذلك.
الجامعة (والحديث الآن عن جامعة الملك سعود) وفي مرحلتها الجديدة وكما أرى وألمس معنية فعلاً بمعايير الجودة والرغبة الحقيقية في الحصول على الاعتماد الأكاديمي ومدير الجامعة يقود قافلة صعبة وثقيلة وعصية أحيانا على التجاوب وهذه مهمة لا يحملها إلا أقوى الرجال وهو الأجدر بها لكن مثل هذا القرار لا يتوافق بالمرة مع توجهات الجامعة باجتذاب الكفاءات المتميزة بغض النظر عن جنسياتها.. لا يتوافق مع رسالة الجامعة وروحها الجديدة التي تركز على كفاءة الشخص وقدرته على العطاء بغض النظر عن جنسه أو أصله وفصله ومذهبه وخلفيته العرقية.
نحن اليوم معنيون بالجودة وبتحقيق معايير المؤسسات العالمية المماثلة للحصول على الاعتراف العالمي ولن يتحقق هذا ونصفنا الآخر من إخواننا وأخواتنا من المتعاقدين والمتعاقدات لا يحصلون على ما يعتبرونه حق مكافئ لجهودهم في التدريس وإتمام شؤون الأقسام وهم يشعرون بالغبن وسيعملون بصمت شئنا أم أبينا على الانسحاب التدريجي وبصمت (مثلهم مثل المحاضرين والمحاضرات السعوديين الذين لا تحتسب لهم اللجان ولا تخفف أنصبتهم بعملهم لساعات طويلة في اللجان ولا يحصلون على زيادة 25% وهم ولأنهم مطمئنون إلى وظائفهم كمواطنين آخذون بالانسحاب التدريجي من اللجان التي تحتسب للدكتور ولا تحتسب لهم)!!!
وحتى وإن كنا نرى بأننا نحن كمؤسسة من أتاح لزملائنا من غير السعوديين فرصة العمل إلا أن الولاء والإخلاص هو ما نسعى إليه لتحقيق كفاءة عالية ترفع من مستوى إنتاجية الأقسام تدريساً وبحثاً وعملاً يومياً لإنهاء حاجات الأقسام المختلفة وهي لن تتحقق بقرار كهذا.
إنني من هنا أكتب عن إخواني المتعاقدين الذين (وأقسم بالله العظيم) أن لا أحد منهم كلفني بالكتابة عنهم إلا أن شعوري بالمسؤولية أولاً تجاه جامعتي التي أقدرها كل التقدير ولعلمي برغبة الجامعة الحقيقية في تحقيق أعلى معدلات الكفاءة في عمل أساتذتها ولأن البحث عن الأستاذ المتميز مواطناً أو متعاقداً هو عملة صعبة ونادرة نعرفها جميعاً لذا فإنني أطرح التساؤل حول عدالة هذا التقسيم المالي بين السعوديين والمتعاقدين وأتمنى معاملة أكثر عدالة تشمل الجميع من المتميزين بغض النظر عن الجنس أو الجنسية.
إن أشهر الجامعات العالمية في العالم قائمة ليس بالضرورة على أكتاف متميزيها من المواطنين (والنعم بهم) لكنها قائمة على تميز الأستاذ بغض النظر عن جنسيته والذي يستطيع أن يحدث فرقاً في حياة طلابه أو في تخصصه من الناحية النظرية أو العلمية أو يرفع اسم جامعته وقسمه ببحوثه ومشاركاته على المستوى المحلي والعالمي والجامعة لن تتمكن من استقطاب كفاءات متميزة بمعاملة مالية مجحفة كهذه.
استقطاب الأستاذ المتميز عملة صعبة اليوم في ظل تنامي ظهور الجامعات الخاصة والخليجية وأثق أن لجان التعاقد تجد صعوبة (مثلها مثل) كل جامعات هذا الوطن (حكومية وخاصة) في استقطاب أو الحفاظ على أعضاء متميزين في تخصصاتهم بالنظر إلى الامتيازات المالية التي تطرحها الجامعات السعودية والتي تعتبر محدودة مقارنة بمثيلاتها في مؤسسات عالمية موازية إضافة إلى التحديات الثقافية التي يفكر فيها عضو هيئة التدريس المتميز قبل أن يقبل العمل هنا في السعودية.
من هنا كان لزاماً علينا أن نعيد النظر في قرارات مالية حساسة مثل هذه ونحاول قدر ما تمكننا الأنظمة والقوانين من تحقيق الأهداف النهائية التي تسعي لها الجامعات من خلال هذه القرارات وهو تحقيق نقلة نوعية في مستوي التعليم الجامعي في هذا الوطن لتحقيق شروط العدالة الإنسانية التي يتطلبها عصرنا الحاضر مع تحقيق معدلات كفاءة رفيعة.