نتألم حين نجد مفكراً عربياً كبيراً مثل (الدكتور محمد عابد الجابري 1936) محاطاً بحماية ظاهرةٍ ومستترة خوفاً من بعض الجماهير التي لم تأت لسماع محاضرته بل للترصد له، وتسويد الصفوف التي لا يعنيها الفكر المنطلق.
* ونعجب حين نجد من يقرأُ من ورقة ما يشبه المحاكمة لهذا المفكر بلغة تهديد مبطنة، ونظنُّ - وهما - أن الرأي يحمي ذاته بالرأي الآخر؛ فيتكاملان بالقول وضدّه لتفتح الفضاءات كي يعمل العقلُ دون رقيب.
* ونحبط حين يُقرر لصاحب (رباعية نقد العقل العربي) محاضرة عن (تجربته التأليفيّة) التي حاول التحايل عليها دون الخروج عنها، وندرك أن في الممارسة الثقافية باباً لسد الذرائع.
* لِمَ الخوف من الفكر الأعزل؟ ولِمَ التحامل على المختلف؟ ومتى تنتهي محاكمة النوايا؟ ولماذا لا نعرض قضايانا في العلن مهما تباعدت الشقة بيننا؟ ولِمَ لمْ تجئ المحاضرة مثلاً لنقاش كتابه (مدخل إلى القرآن الكريم) لنعرف - بالمناظرة المباشرة - إن كان الجابري قد شطّ عن المسار؟
* مشكلتُنا أدلجة القضايا، حتى إن بعض منتقدي الرقابة في معرض الكتاب أشاروا إلى (كتب) متجاوزة أُذن بها، وهم يعلمون - يقيناً - أن زمن الرقابة ولّى، وقبل سنوات نظمت مؤسسة تعليمية إسلامية كبيرة معرضاً دولياً للكتاب، وكونت له - على مدى أشهر - لجاناً صادرت وفق عناوين الكتب وأسماء الكُتّاب، ورأى صاحبكم فيه كتابين معروفين يتصدران الواجهة؛ أحدهما يتضاد مع سياسة الوطن، والآخر مع أخلاقيّات المسلم بشكل فاضح، ولم يتم الاستعداء على المنظمين أو اتهامهم في ولاءاتهم أو سلوكياتهم.
* لا أحد أحسن من أحد، وقد آن الوقت لكي يبحث مركز الحوار الوطني القضايا الملحة في العلن، وينصرف عن الإشكالات الإدارية إلى المعضلات الفكرية حتى يتعود الشباب على المواجهة المتكئة على المعرفة، والممتدة بمساحة الأفق.
* لدينا من يعكِّر الماء ويغبِّر الهواء من الاتجاهين المتضادين، ولا شأن لنا بالمتطرفين فيهما، فليتنا نلتئم في حوارات صريحة هادئة لنستمع لبعضنا دون إلغاء أو أهواء.
* إننا نخسر كثيراً متى ساد صوت أو ارتفع سوط؛ فنحن نحب (المتنبي) لبلاغته لا لمبالغته، ونقرأ في (أبي نواس) فنونه لا جنونه، ونرى (شوقي) بعين كرامتنا لا نتاج كرمته.
* العقل لا يعتقل.
Ibrturkia@hotmail.com