لنا صديقة تحب اقتناء الساعات، وتملك منها ما تفنن في صياغته المبدعون، جريئة في استخدام ألوانها وأشكالها، بمثل ما لنا صديقة تحب التهام الآيس كريم وتتلذذ في استطعامه فتغري الذين معها بالتهام أكواز منه، فثمن الآيس كريم أهون كثيرا من أثمان الساعات، حيث تتلمظ رفيقاتها لعابهن وهن يحركن عيونهن دهشة بجمال ساعاتها، ولا يفعلن وهن يرشفن آخر قطرة من سائل الآيس كريم.
وفي مجموعتنا واحدة تميل للقراءة بينما لا تكاد تشارك في أي حوار يدور بيننا إلا بقذف بعض كلمات عما اختطفته أذنها عبورا فتثير ضحكاتنا، وقد أطلقت عليها المجموعة كنية لطيفة كلما تدخلت فيما لم تسمع ناديناها بها، ولنا أخرى تحب شراء البذور الخاصة بإطعام الطيور، ولم تكن عند أي اجتماع إلا تحت شجرة أو عند نافذة تذر الحبوب حيث تتوقع مرور الطيور، وعندما نكون في مكان لا أمل لها في عبورهم تصعد للأسطحة وتنشر حبوبها، بينما هناك صديقة تعشق المواسم كلما هاتفناها لاجتماع احتجت بانشغالها، وحين نلتقي تكون شريطا يستعرض لنا بملحها وتعليقاتها ما رأت وسمعت.
ولم تكن صاحبة الساعات قادرة على تأخير أو تبديل الوقت بكمية ساعاتها أو أحجامها وألوانها، فاعتدنا أن نحاصرها بالأسئلة، واعتادت أن تمط كمها لتستر ساعتها إذ دوما تفشل في الإجابة، أما محبة الآيس كريم فقد غصت ذات يوم بكحة طويلة هرولنا جميعنا معها للمصحة فإذا بؤشر السكري في الدم قد ارتفع لأعلاه، وإذا بالطبيب يضع لها خطوطا حمراء فوقها لا للآيس كريم، وتحتها نعم للحمية من السكريات، أما صاحبتنا القارئة فقد حجبت حواسها عنا ولم يدمجها بنا وجودها المادي فبقيت المبددة الوحيدة للوقت كلما عن لها مجهول هاتفتنا لمعرفة الجواب، أما عاشقة الطيور فكانت أكثرنا رهافة وحميمية، فقد أخذت من الطيور أجنحتها فكلما هبت ريح أو هاجت موجة حلقت بروحها من حولنا جميعنا، أما صاحبة المواسم فكانت لنا جسرا للأوجه الأخرى الخفية لطبائع الناس وأشكال حركاتهم، وأبعاد أفكارهم، ومستوى قيم التعامل والتفكير لديهم.., بيننا تمارس الحياة حركتها وتُفضي بتفاصيلها، والنهر يجري ولا ما يوقف روافده..