Al Jazirah NewsPaper Monday  16/03/2009 G Issue 13318
الأثنين 19 ربيع الأول 1430   العدد  13318
الرئة الثالثة
رسالة إلى مدراء الجامعات!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

 

كان عدد الجامعات في بلادنا إلى عهد قريب لا يكاد يتجاوز عدد أصابع اليدين معاً، ثم حدثت مؤخراً (الانتفاضة) المباركة في قطاع التعليم العالي، ليصعد الرقم متجاوزاً العشرين جامعة، تنتثر في معظم مناطق المملكة، من حائل وتبوك والجوف شمالاً إلى الباحة وعسير وجازان جنوباً، مروراً بغربي البلاد وشرقيها ووسطها، وصرنا في هذا العهد الزاهر نشهد بين فترة وأخرى ميلاد صرح جديد للتعليم العالي، انتهاءً بجامعة جديدة أنشئت للبنات في مدينة الرياض ووضع حجر أساسها قبل أشهر الملك الصالح المصلح، خادم الحرمين الشريفين أيده الله، باسم (جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن).

* * *

* وأذكر أنني نشرت رسالة قبل نحو أربعة عشر عاماً موجهة إلى عدد من مدراء الجامعات بمناسبة تعيينهم في مناصبهم، هنأتهم فيها بالثقة الملكية السامية التي أولوا إيّاها، تشريفاً وتكليفاً، وتمنيت لهم التوفيق والسداد لأداء مهامهم بمستوى من التميز يعادل الثقة الغالية تكريماً.

* * *

* واقتبس من الرسالة المشار إليها سطوراً قلت فيها (مع شيء من التصرف).

* كم هي صعبة مهمة مدير الجامعة، أياً كان معدنه، أو مؤهله، لكنها أكثر صعوبة إذا كانت في بيئة نامية.. مثقلة بالآمال.. وبالوعود.. من أجل غد أفضل يرعاه أبناؤها.. تحصيلاً وبذلاً وعطاءً!.

* كم هي صعبة.. مهمة مدير الجامعة.. والذي يقول بغير هذا لا يعرف من أبجديات الجامعة شيئاً.. لأنها، كما تعون وتعلمون، رفد من روافد البنية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والإنسانية. فهي التي (تصنع) العقل المسيّر لجهود التنمية.. وهي التي تضيء له الدرب.. وتذلّل أمامه الصعاب بما تمنحه إياه من أدوات وآليات تعينه على بلوغ هدفه الموعود.. تفكيراً.. وتدبيراً.. وريادة!.

* * *

* ولذا، قيل ويقال، إن (بيت) الجامعة من زجاج، يخترقه الضوء والصوت.. وتغشاه الأبصار، وليس قلعة قدت من صخر، فهي لا تسمع.. ولا يسمعها أحد، وهي تبصر.. ولا يبصر ما بداخلها أحد!

وحين يرسل وليّ أو حميم فلذة كبده أو كبدها.. إلى الجامعة.. يغدو عقلاً ومشاعر، مرتبطاً بتلك الجامعة.. يتابع.. يلاحق.. ويسأل. وينتقد.. ويغضب.. ويفرح، حتى يبلغ الأجل محلّه.. ويعود الابن أو الابنة.. بغار الفوز!

* * *

* ويخطئ من يظن أن هم الجامعة شأن داخلي.. لا شأن لأحد به خارجها!

* يخطئ من يظن.. أن الجامعة تستطيع أن تمارس أدوارها داخل أسوار الثقة وحدها، فلا تُسأل عما تفعله، ولا يشقى أحدٌ بما تفعله هي أو يسعَد!.

* يخطئ من يظن.. أن الجامعة (واحة) من المثالية (تعصمها) من الخطأ، أو أنها تملك القدرة على (تسوية) مشكلاتها، إدارية أو تربوية، بما (تراه هي مناسباً)، لا بما تقتضيه مفردات العقل، وحيثيات المهمة ومقتضيات النظام، خدمة للمجتمع، ونحن، معشر الإداريين نرى أن الإدارة تقاس فاعليتها بجودة النتائج المتوقعة منها، لا بالوسائل التي تنتهجها، وصولاً إلى ذلك.

* * *

* ومضيت أقول:

* لن أزعم أن هذا الحديث المتواضع.. قد كشف لكم الحجب عما لم تكونوا تعلمون.. من أمور الجامعة، شئوناً وشجوناً، فأنتم، خيرٌ من كاتبه فهماً لعظم المهمة التي أوليتم إياها، وأنتم خير منه استشرافاً لمفرداتها!

* * *

* ثم ختمت رسالتي إلى مدراء الجامعات بكلمات أحسبها تعني كل واحد منهم قديماً كان أو حديثاً، حيث قلت:

1- يتطلع كثيرون نحوكم لتكثفوا جهود التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية بالمؤهلات الشابة التي تتعامل معها الجامعة، فالتعليم وسيلة، وبناء الإنسان السوي غايته، وتنمية المجتمع.. هي منتهى كل الغايات.. وكل الهموم.. وكل الآمال!.

2- أتمنى عليكم أن تسنّوا سنة حسنة فيما بينكم، بأن تعقدوا لقاءات سنوية أو نصف سنوية.. تبحثون خلالها همومكم المشتركة.. ورؤاكم المؤتلفة أو المختلفة حول مسار جامعاتكم ويكون هذا صعيداً طيباً.. لتبادل المشورة، وتحقيق المزيد من التنسيق.. خدمة للهدف المشترك. وسدد الله على دروب الخير خطاكم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد