الرياض - فهد الشويعر:
لم يكن أحد يتوقع أن المنشد (الإسلامي) وإمام أحد المساجد بالخبرا سيسافر إلى القاهرة وينخرط في المعهد الموسيقي هناك؛ ليكون ثاني سعودي يتهيأ للحصول على إجازة في الموسيقى، بعد أن سبقه قبل نحو ثلاثين عاماً الموسيقار السعودي محمد شفيق، فيما سيرى البعض أو الغالبية أن ما نقدمه اليوم هو قنبلة من العيار الثقيل خص بها (الجزيرة) حول نيته الدخول في تجربة جديدة تبحر به في بحر بعيداً عما كان يقدمه في السابق من أناشيد تعرف (بالآهات) والتي لقي خلالها الكثير من الإشكالات لاختلافها كثيراً عما يقدمه المنشدون الآخرون واعتراض البعض عليها؛ لاعتقادهم أن الآهات ليست إلا موسيقى مصاحبة لما يُقدم من أناشيد.
يقول المنشد السابق والفنان حالياً عبدالله السكيتي: أنا الآن أدرس البكالوريوس في معهد الموسيقى في العاصمة المصرية القاهرة وأنهيت السنة الثانية وبقيت لي ثلاث سنوات، وأجهز الآن لألبوم موسيقي كامل أنهيت حتى الآن 50 في المئة منه، وتعاونت فيه مع الشاعر فهد الفوزان بثلاث أغان، وقد تصل إلى أربع، والشاعر ناصر الشعلان ومشتاق حسين، أما التلحين فتعاونت فيه مع الملحن عبدالله العبرة وعبدالله عبودي وبقية الأغاني من ألحاني؛ لمعرفتي بطبقة صوتي أكثر من غيري ولضلوعي بشكل كبير في مجال الألحان بعد خبرتي في (الآهات)؛ لأني أعتبرها أكبر مدرسة من ناحية الصوفليج، وبشهادة أساتذة في المعهد.
ويضيف السكيتي الذي شاب حديثه قليل من الخوف وكثير من الثقة: سأخصص النصف الآخر من الألبوم لأسماء كبيرة، سواء من الشعراء، وعلى رأسهم الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، أو من الملحنين المعروفين، وعلى رأسهم الملحن خالد العليان الذي تبرع لي بلحن من عنده بعد أن آمن بموهبتي وأنني سأقدم فناً مغايراً ما يقدمه الآخرون وأن لي هدفاً سامياً أسعى إليه.
أما عن شركات الإنتاج الفني فقال السكيتي: لا أخفي عليك أن ألبوم الأناشيد يختلف تماماً عن الموسيقي من ناحية التكلفة؛ لأن ألبوم الأناشيد لا يحتاج إلا إلى أربعة أشخاص لتكتمل الأنشودة كالشاعر والملحن والموزع والمنشد، أما الأغنية فتحتاج إلى أكثر من أربعين شخصاً لتظهر للجمهور بشكل جميل ولائق؛ لأن لكل آلة وترية عازفها الخاص المتخرج في المعهد ذاته الذي أدرس فيه مثل القيثار والكمنجا وغيرهما؛ فكل هؤلاء العازفين أساتذة في مجالهم وتكلفة عزفهم مرتفعة؛ لذلك تحتاج الأغنية الواحدة كي تخرج بشكل جيد ويليق بالمستمعين إلى مبلغ كبير لا يستطيع الفرد تحمله، لكن مع وجود شركة إنتاج تتكفل بجميع هذه المصاريف بشكل كامل سيصبح لديك ألبوم كامل وكبير بمحتواه ويعود على الجميع بالفائدة، وأنا أبحث عن شركة إنتاج كبيرة تلبي لي كل احتياجاتي وتوجهاتي فيما أقدم، ولا أخفي عليك أنني أدخر مبلغاً من المال وفي حيرة من أمري هل أصرفه على ألبومي ليظهر بالشكل الذي أطمح إليه أم أصرفه على دراستي في معهد الموسيقى؟ وقد تطورت الأناشيد حتى أصبح المنشدون يستعينون بموزعين موسيقيين أمثال خالد عزو وهاني فرحات، وقد تعاونت معهم، وكذلك فعل فنان العرب محمد عبده وراشد الماجد ورابح صقر والمنشد العفاسي في ألبومه الأخير، وهذا يعتبر نقلة كبيرة في مجال الإنشاد.
وحول إمكانات الصوت لديه قال السكيتي: أمتلك - والحمد لله - صوتاً جيداً ومميزاً، والذي لا يمتلك نعمة الصوت لا يستطيع أن يتقن السلم الموسيقي؛ فهذه الأحرف الموسيقية نستخدمها جميعاً في حياتنا كلها والمؤذن يستخدمها والإمام يستخدمها في قراءته وموجودة في نغمات الجوال ومنبهات السيارات، وأريد أن أحكي لك قصة حدثت لنا ونحن في المعهد؛ فعندما أخطأ أحد الزملاء المشاركين معنا وخرج منه نشاز وضحكنا عليه جميعنا قال لنا المايسترو أمير عبدالمجيد: لماذا تضحكون؟ فالمعهد هذا لا يقبل فيه أحد إلا وهو فنان في الأصل، حتى لو كان ابن العميد؛ فالمقصد من هذا هو أن الفن يولد معك منذ الصغر مثل موهبة الرسم وغيرها ثم تُنمى هذه الموهبة، ولا أخفيكم سراً؛ فقد كانت موهبتي (خجولة)، أما اليوم وبعد دراستي فقد دخلت مرحلة الاحتراف وأصبحت الموهبة مؤصلة، وسوف أكشف لك سراً حيث لم أكن في السابق مقتنعاً بالموسيقى وكنت أرى أن العمل ب(الآهات) سنصل من خلاله إلى درجة الموسيقى، وواصلت عملي حتى عرفني الجميع على مستوى المملكة، وبعد ذهابي للدراسة في معهد الموسيقى اكتشفت أن الآهات تدعم الموسيقى، ولو لاحظت فإنه في الآونة الأخيرة يتم دمج الآهات بالموسيقى، خصوصاً في المسلسلات؛ إذ تلاحظ دخول أصوات الكمنجات والآلات الموسيقية الأخرى مع الآهات.
ونصل مع السكيتي إلى النقطة (الأهم) في مشواره وهي المشاكل والمضايقات التي تعرض لها، فيقول: من الألبوم الثاني بدأت المشاكل تنهال عليَّ من كل حد وصوب، وتم الاعتراض على هذا الألبوم لدرجة أن البعض حرمه رغم أنه كان ألبوم (آهات) فقط، وأملك حتى الآن أربعة ألبومات كلها آهات، والأخير طرحت منه نسخة بإيقاعات ونسخة بدون، وهذه الألبومات خاصة، أما بنسبة إلى المشاركات الوطنية فلدي الكثير جداً على مستوى مناطق المملكة جميعها وقد قمت بجمع بعض حفلاتي الأخيرة التي قدمتها في الرياض والقصيم وطرحتها في الألبوم الأخير ولم يكن ألبومي الرسمي.
وعن هدفه من دراسة الموسيقى في مصر قال عبدالله السكيتي: لم أذهب لدراسة الموسيقى من أجل أن أدخلها في أعمالي فقط، ولكن طموحي هو إنشاء معهد للموسيقى في السعودية، ولا أستطيع أن أنشئ معهداً إلا إذا كنت ملماً بالموسيقى كاملة، ولي في هذا المجال قرابة عشر سنوات، وكنت أعتقد أني ملم بكل شيء، وحين التحقت بالمعهد الموسيقي اكتشفت أنني بدأت من الصفر والسنوات الماضية ليست سوى (لعب)، وإذا نظرنا إلى كيفية وصول بعض الأغاني إلى مستوى الاحترافية بعكس الأناشيد فإني أقول إن الأنشودة أقصى حد يقف وراءها أربعة أشخاص هم: مؤد وموزع وملحن وشاعر، أما الأغنية فيقف وراءها ما يقارب 35 شخصاً من كمنجية وموزعين وكاتب وتريات وقيثار وجميعهم خريجو معاهد موسيقية وهناك دكاترة يقفون خلفك كي يخرج العمل بشكل احترافي كبير. وأكرر في النهاية أن هدفي الأساسي هو إنشاء معهد موسيقي وليس بالضرورة أن يخالف الناس، ولكنني سوف أنشئ معهداً يستفيد منه إمام المسجد والفنان والمؤذن، والمعهد الموسيقي الذي أدرس به يدرس التجويد والإلقاء حتى أن خطباء المساجد يستفيدون وألاحظ - والحديث للسكيتي - أن بعض خطباء المساجد في مصر الدارسين والفاهمين تجد في خطبهم نفس ما يدرس في المعهد تماماً مثل (الاستكتة)، وهي التقطيع، وكذلك التدرج، ومتى ترفع صوتك ومتى تقف؛ وبذلك نستطيع أن نفتتح معهداً في السعودية والمعهد مكون من ثلاثة أقسام: الأول هو التأليف الموسيقي الذي تخرج منه الدكتور عبدالرب إدريس وقسم الغناء ومن الذين تخرج منه عمرو دياب وشيرين وأنغام وإيهاب توفيق، والقسم الثالث والأخير هو قسم الآلات وهذا الذي تخرج منه كل عازفي الفرق الموسيقية، سواء كانوا كمنجية أو ناي أو قانون، وهذا القسم الأخير ليس ضرورياً أن يكون في المملكة، وأريد أن أؤكد أن في المعهد يتم تدريسنا الفن كفن ومعاملة وأخلاق، وسأبوح لك بسر وهو أن القائمين على المعهد ليسوا مقتنعين ببعض الفنانين، سواء من خريجي المعهد أو غيرهم وما يقدمونهم، ولا أستطيع ذكر أسماء لأني أعتبر نفسي الآن من هذا الوسط وينبهونا دائماً ويقولون لنا بالحرف الواحد: (انتبهوا تكونوا زي كده خبط لزق وحاجات هايفه.. إحنا عاوزين فن أصيل فن جامد)، وأريد أن أذكر بأن الفنانة آمال ماهر تدرس معنا في قسم الغناء ويضربون بها المثل ويعتبرون أنفسهم مَن صنعوها وشيرين وأنغام تغنيان مع المعهد بالأوبرا، ولكن بشروط المعهد سواء في اللباس أو غيره.
وحول استخدامه للمقامات كالسيكا أو الحجاز أو الصبا وغيرها في قراءته للقرآن حين كان إماماً في أحد المساجد قبل عامين قال: نعم جميع القراء الجيدين المتقنين للتجويد يستخدمون المقامات الموسيقية في قراءتهم.
وعن تفاصل أغنية الكليب الجديد (الفقر) قال عبدالله: هي من كلمات فهد الفوزان وألحاني وسأقوم بتصويرها مع المخرج أحمد المهدي في مصر، وبحسب رأي المخرج فإنه على قدر ميزانية العمل سيتم التصوير، ونحن بصدد بث الكليب في جميع القنوات الفضائية وبشكل مجاني مثل قناة MBC وLBC وبعض الفضائيات العربية التي سيتم التفاوض معها، وسأقوم بترجمة الكليب إلى الإنجليزية والفرنسية لبثه في جميع قنوات العالم وهو ما أطمح إليه كفن سام يوصل رسالة هادفة للعالم أجمع.
وحول التيار المضاد الذي سيواجهه عبدالله السكيتي بعد طرحه لألبومه الموسيقي وكيفية تقبله وتعامله معه قال: سوف أقول لك معلومة صغيرة تعلمتها من قراءتها، ومن الأشخاص الذين تربطني بهم علاقة جيدة طارق السويدان والأشخاص الذين عانوا في مسيرتهم فإن أي مشكلة أو كلام ستواجهه سيعود لك ولنشاطك وقوتك؛ فإن كنت قوياً وتتحمل الكلام فلن يستطيع أحد أن يقف أمامك، ولو واجهت مأزقاً فتحايل حتى تخرج من هذا المأزق واستظل تحت مظلة حتى يهدأ التيار ولن يردعني عما أفعل أي شيء؛ لأنني مقتنع بما أقدم وأي حملة ستواجهني، سواء في الإنترنت أو غيرها، فلن تثنيني عما أقوم به؛ لأني واجهت الكثير من الحملات في السابق وتحملتها وتجاوزتها بكل يسر وسهولة، ولا أنظر إلى منتقدي وما يكتبون بل أتابع كل ما هو محفز لي، وسأذكر لك أنه في أحد المنتديات وصفت بالزندقة وأني أحد أصابع الماسونية وأني أحاول إفساد صورة الإسلام والمسلمين، وبحسب إخلاصك وعملك تستطيع أن تصمد وأنا مقتنع بما أقدم، ويبقى هذا الحديث سابقاً لأوانه، وسوف يكتشفون أن ما قدمته هو الصحيح، وبطبعي عندما أجد مَن يخالفني الرأي أحاول أن ألتقي به لأبين له وجهة نظري، وأذكر بأن أحد المشايخ حرم ما طرحته وهو شريط الآهات؛ لأن ما وصل إليه من معلومة أن الآهات مقترنة بموسيقى، وعندما بينت له ما أقدم وأسمعته الألبوم غيَّر وجهة نظره، وقال لي: (ما تقدمه أمر جيد ومحفز).
وعن صراحته يقول ضيفنا: أنا لا أحب الخداع؛ لأنني صريح، فحين قدمت آهات قدمتها دون موسيقى، وعندما أردت أن أقدم موسيقى أعلنتها صريحة وقلت إني سأصدر ألبوماً موسيقياً، وليس مثل بعض المنشدين الذين يدمجون مع آهاتهم أصواتاً موسيقية بصوت منخفض جداً في غش وخداع، وهو ما لا أرضاه.