عاشت مدينة الرياض بدءاً من صباح يوم الثلاثاء الماضي يوماً (مرعباً) حين تعكر الجو وتغير إلى اللون البرتقالي، بسبب العواصف الترابية الشديدة التي فاجأت سكان الرياض، حيث بلغت قوة الرياح خمس وخمس كيلو متر في الساعة،..
مع ضعف في الرؤية، وقد بدأ التحسن قليلاً في المساء، ويقول والدي: إنه مرّ علينا يوم مثل هذا اليوم بداية التسعينيات الهجرية.
وفي إلقاء صورة على الحدث من واقع الرصد الشخصي لهذا اليوم:
مسؤولو الأرصاد: كرروا في تصريحاتهم في الإذاعة والتلفزيون أنهم ومنذ خمسة أيام أعلنوا عن تلك (الهجمة الترابية)، وأن دور الرئاسة الإعلان عن الظروف الجوية الطارئة، والتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وممن تم إبلاغهم الدفاع المدني ووكالات الأنباء، وعبر رسائل الجوال، ونصوا على أن تلك الرياح ليست مفاجئة، وأنه مما زاد (الطين بلة) أن مدينة الرياض منطقة مكشوفة، مع ضعف الغطاء النباتي، إضافة إلى أن الأتربة جافة، وإثارتها سهلة، لعدم وجود أمطار سابقة.
ويلقون باللائمة على وسائل الإعلام، وأن كثيراً من المواطنين تنقصهم ثقافة الأحوال الجوية، مع عدم متابعة لأحوال الطقس.
أما الدفاع المدني: فقد بث تحذيراته في نفس اليوم عبر الإعلام، وأفضلية عدم الخروج في مثل هذا الوقت، ووجوب توخي الحذر من قبل السائقين في الطرق، والحذر من الأعمدة المرتفعة واللوحات الإعلانية، وعدم الجلوس تحت صناديق الزنك خوفاً من سقوطها، والانتباه من الصحون اللاقطة خوفاً من طيرانها، واستخدام الكمامات، والاستماع إلى النشرات الجوية، ويضيف المتحدث: أن المواطنين والمقيمين لديهم الوعي الكافي لمواجهة مثل تلك الظروف.
أما المستشفيات: فيظهر أنها لم يكن لديها علم مسبق بهذا الظرف المناخي المفاجئ، فحسب التصريحات الإعلامية أنه لم يبدأ في الاستعداد لمواجهة الظرف إلا حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً، حيث تم توفير اسطوانات الأكسجين بأعداد كافية، والأدوية، إضافة إلى الطواقم الطبية القادرة على استيعاب الأعداد الزائدة.
أما المدارس: فلم تحط خبراً بذلك، وقد تأثر الجميع بذلك المناخ المغبر، وبدأت مشكلات الطلاب الذين يعانون من التهابات صدرية، وأغمي على البعض منهم، وإحدى مدارس البنات استدعت طاقماً طبياً من أحد المستشفيات الأهلية، فلما كثر تساقط الطالبات، لم يستطع الطاقم الطبي السيطرة على الوضع، فتم إحالة الطالبات إلى المستشفى.
ويقول مدير مدرسة وقد ظهر عليه الغضب: لقد تفاعل مع الحدث مكتب التربية والتعليم التابعة له مدرستنا، ولكن متى؟ الساعة الواحدة ظهراً، وذلك بإرسال رسالة تحذيرية، اتبعها بأخرى الساعة الواحدة والنصف، وذلك بعد خروج الطلاب، وإصابة البعض منهم، ووصولنا لمنازلنا.
أما شوارع الرياض: فحدث ولا حرج، حيث ازدحمت الشوارع بالسيارات، في ظل شبه انعدام للرؤية، وعدم وجود ظاهرة للحوادث في ذلك اليوم، ولكن المشوار الذي تقضيه في نصف ساعة، أصبح يستغرق حوالي الساعتين.
أما مطار الملك خالد الدولي: فتم تعطيل الرحلات الجوية، فقد أوقفت الرحلات المغادرة، وحوّلت الرحلات القادمة إلى مطارات الدمام والبحرين والقصيم.
وقد تفاعل الإعلام السعودي المرئي والمسموع بنقل صورة مباشرة عن الحدث، وبث التوجيهات والنصائح.
ختاماً.. ماذا ينفع التحذير بعد وقوع الحدث، أو بعد (وقوع الفأس في الرأس)؟
ماذا لو.. تم إخطار الناس بالحدث قبل وقوعه، كم من شخص لن يصاب؟ كم من مستشفى حكومي سيخف الضغط عليه؟ كم من مبلغ لن يدفعه المريض للمراكز الصحية الأهلية؟ وبحسب إفادة مستشفى واحد استقبل مائة حالة حتى وقت ما بعد الظهر، فكم من مستشفى ومستوصف حكومي وأهلي في مدينة الرياض استقبل في ذلك اليوم؟
ماذا لو.. تم شرح ما نصت عليه تصريحات (الأرصاد): الرئاسة دورها الإبلاغ والتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة؟
هذا يوم واحد حدث فيه ما حدث، ويجب أن يكون جرس إنذار، حتى لا يتكرر ذلك مستقبلاً.
aljndl@hotmail.com