تغمرونني قرائي الأعزاء بكثير ودكم، ومتابعتكم المبهجة لي، وسوف أتناول في (اليوم معكم) تعقيباتكم ورسائلكم، كما تعودنا الوقوف على نبعكم لننهل معاً، ومنكم المداومون الذين إن غابوا نفتقدهم لما يتركونه من بصمات فكرهم ووعيهم بمشاركاتهم زوايا مضامين ما يكتب هنا، لذا يأتي غياب صديق الزاوية (أبو عبدالكريم1) الذي طال ملفتا، ووفاء له أتمنى أن يكون بصحة وعافية، فله التقدير والشكر لرفقته حروفا شُكِّلت هنا من أجلكم، وفيكم هو صاحب إطلالة يومية مضيئة، فدعائي له، وتمنياتي.
*** جاءتني طالبة في برنامج الدكتوراه، وهي هلعة ترتجف، هدأت من روعها، وسألتها أن تفضي بسر خوفها، فقالت: الاختبار الشامل، يرعبني كما يفعل بزميلاتي، ثم أضافت: لماذا تجعلونه على هذا النحو؟ قلت لها: هناك فاصل بين قلق طامح في بلوغ، وبين خوف متردد في حصيلة، لا بأس أن يسترجع الدارس خبراته، ويقيم مكاسبه، ويضع على محك السؤال ما لديه منها وما فر عن ذاكرته فيسترجعه،.. فتلك طبيعة الإنسان، هو دوماً في مكابدة استزادة، لكن أن تتحول مواقف التقييم لمقاصل تجتث الثقة، أو مجازر تنحر الطموح، أو هوة تلتهم الفرحة، فذلك لأن ما قدم له من خبرات لم يكن في مستوى البقاء، وبالتالي لم تكن مكاسبه مؤهلة للنمو، فنفقت في لحظة خوف كما ينفق المرتاع لضيق سعة نفسه، أما ما يتلقاه من خبرات في مستوى البقاء فإنها تربو عند محك، وتثمر في موقف حصاد، فالاختبار الشامل هو أنموذج للحياة، فما تقدمه في مؤسستها التعليمية، يتشابه مع ما تقدمه مؤسسات التعليم،.. قالت: ألا أخاف؟، قلت لها، بقدر ما تطمحين من نتيجة، في حالة أنك تثقين فيما تملكين من ثروة معرفية، ولا يكون مصدر خوفك هو قلق من فراغ جعبتك.., وبعد أن ذهبت، كنت مطمئنة لقلقها كثيراً...
*** في مؤسسات التعليم تغير مفهوم المعلم الكتاب والمكتبة والنشاط والمرجع، وأصبح المعلم موجهاً مساعداً للتعلم الذاتي، فعلموا أبناءكم السباحة وثقوا أنهم سيخوضون البحر، لكن عندما تسبحون عنهم فسيغرقون.