الرياض - فايز المشعل
كشف تقرير اقتصادي عن تبخر 150 بليون دولار من القطاعات الخاصة في سوق الأسهم، مشيراً إلى أن هذا التبخر أثر سلباً في الإنفاق الاستهلاكي. واعتقد التقرير الصادر عن شركة جدوى للاستثمار أن السوق لا يزال يقيم حالياً من قيمته العادلة. وشدد على وجود مؤشرات للتدخل الحكومي في هذا السوق، موضحاً أن الأوضاع المالية للبنوك لا تزال سليمة بصورة أساسية بحكم أن احتياطياتها تفوق الاحتياطي الإلزامي. ولفت إلى أن تهاوي العالم نحو ركود عميق أدى إلى المزيد من الخفض في أسعار الفائدة وتبني الدول لسياسات اقتصادية غير مألوفة إلا أنها لم تكفِ لتهدئة المخاوف بشأن أسواق المال؛ فهوت أسعار الأسهم في أسواق الدول المتقدمة وكثير من الأسواق الناشئة إلى حدود تقارب أدنى مستوياتها منذ أمد رغم الارتداد الصعودي.
وكانت أحدث بيانات صدرت في هذا الخصوص هي خسارة الاقتصاد الأمريكي 651.000 وظيفة في فبراير عقب خسارته نحو ثلاثة ملايين وظيفة خلال الأشهر الخمسة الأخيرة مقارنةً بمتوسط مليوني وظيفة لآخر حالتي ركود شهدهما الاقتصاد الأمريكي خلال الخمسين عاماً الماضية. ولا يقتصر تأثير البطالة التي قفزت نسبتها إلى 8.1 في المئة في فبراير مقارنة بنسبة 6.2 في المئة في سبتمبر على مجرد تفاقم حالات التخلف عن إيفاء الدين، سواء على قروض الرهن العقاري أو غيرها من القروض الاستهلاكية بل يمتد تأثيرها إلى خلق حلقة مفرغة تتدنى فيها ثقة المستهلك؛ الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الإنفاق، وبالتالي فقدان المزيد من الوظائف. ومن ضمن البيانات الأخرى الضعيفة تسجيل الناتج الصناعي البريطاني في يناير أسرع تدهور له منذ 28 عاماً. أما أخبار الشركات فقد كانت قاتمة بصفة عامة، حيث سجل عملاق التأمين أيه أي جيه أكبر خسارة في تاريخ الشركات الأمريكية في الفصل الرابع؛ مما حدا بالحكومة الأمريكية إلى تقديم الدعم المالي لها، كما ألمح مراجع حسابات شركة جنرال موتورز التي تسعى هي الأخرى إلى الحصول على الدعم الحكومي، إلى خطورة وضعها المالي. لكن من ناحية أخرى أدى إعلان بنك سيتي جروب عن تحقيق أرباح خلال أول شهرين من هذا العام إلى الانتعاش الذي شهده السوق الثلاثاء الماضي.
وانطلقت الأسبوع الماضي جولة أخرى من عمليات خفض أسعار الفائدة بواسطة البنوك المركزية في محاولة منها لتحفيز الاقتصاد؛ فقد أقدم كل من البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا وبنك كندا على خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعاتها الدورية. لكن وعلى الرغم من تدني أسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة جداً حالياً (0.5 في المئة فقط في بريطانيا) إلا أن البنوك المركزية لا تزال تتحرك لتبني أساليب غير تقليدية؛ فقد أعلن بنك إنجلترا في هذا السياق أنه سيشتري ديناً حكومياً بريطانياً تفوق قيمته 100 بليون دولار ثم إتاحة المبلغ لحملة ذلك الدين (البنوك بصفة أساسية)؛ كي يقدموا على إقراضه أو إنفاقه.
وفي الولايات المتحدة أعلنت الحكومة أنها ستنفذ في وقت لاحق من هذا الشهر برنامجاً أطلقت عليه اسم (تسهيلات ائتمانية لأجل بواسطة أوراق مالية مضمونة بالأصول)، وهو برنامج يهدف إلى مقاومة الموجة القادمة من العجز في سداد قروض السيارات وقروض الطلاب وبطاقات الائتمان، وسوف يدعم البرنامج إصدار أوراق مالية تستند إلى تلك القروض إلا أن تلك التدابير لم تكفِ لاحتواء الحالة النفسية السلبية السائدة في أسواق الأسهم، حيث تأرجحت مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية حول أدنى مستوياتها منذ 12 عاماً بينما شارف مؤشر نيكاي الياباني على الوصول إلى أدنى نقطة سجلها منذ عام 1983.
ويثير أداء السوق الياباني بعض المخاوف بشأن سلامة وضع البنوك المحلية، حيث كانت لتلك البنوك أرصدة صغيرة في قروض الرهن العقاري المسمومة والأدوات المرتبطة بها؛ لذا فقد نجت بدرجة كبيرة من الانهيار الذي ضرب فئة الأصول تلك العام الماضي، لكن لدى تلك البنوك أرصدة ضخمة من الشركات المدرجة في السوق المحلي؛ مما يعني أن هبوط أسعار الأسهم سيؤثر بشدة في مراكزها المالية.
وتبحث تلك البنوك حالياً عن وسائل لزيادة رؤوس أموالها، وهناك تقارير تفيد بأن الحكومة تنظر في شراء الأسهم بصورة مباشرة مع اتخاذ خطوات أخرى لتعزيز سوق الأسهم.
وفي تحرك مشابه في منطقة الخليج صرحت الحكومة القطرية بأنها سوف تشتري محافظ الأسهم المحلية لدى البنوك القطرية، وذلك بهدف توفير المال اللازم لها لإقراضه، وكذلك لتعزيز سلامة القطاع المالي. وكانت تلك البنوك قد أجرت خفضاً كبيراً في قيمة أرصدتها من الأسهم المحلية في الفصل الأخير من العام.
وقد أدى ذلك الإعلان إلى صعود مؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 9 في المئة يوم الاثنين الماضي، وإن كان لا يزال من بين أسوأ الأسواق أداء في العالم حتى اللحظة الحالية من العام حيث انخفض بمعدل 30 في المئة منذ نهاية سبتمبر، وبمعدل 60 في المئة عن أعلى نقطة سجلها في منتصف عام 2008م.