الرياض - الجزيرة
أكد المحامي ومستشار هيئة سوق المال سابقاً إبراهيم الناصري أن الأسواق المالية الناشئة تتميز بضعف سيادة القانون وانخفاض كفاءة الجهات التنظيمية وغموض السلطة القضائية الأمر الذي يجعل المساهمين تحت رحمة الشركات. وقال خلال أجوبته عن استفسارات قراء (الجزيرة): (ولتلك الأسباب أيضاً يعاني أصحاب المصالح الأخرى كالعمال والبيئة والمجتمع من تعسف وصلف الإدارات، مؤكداً أن هذه الأسباب تمنح لائحة الحوكمة أهمية إضافية في مثل تلك الأسواق. وفي المملكة على سبيل المثال بينت لائحة حوكمة الشركات الصادرة من هيئة السوق المالية حقوق المساهمين التنظيمية والرقابية في شركة المساهمة المُدرجة، وأوجبت على إدارة الشركة تسهيل ممارستهم هذه الحقوق من خلال جمعياتهم العمومية، ووضعت اللائحة آليات تُمثل في حال تطبيقها ضمانة على وفاء إدارة الشركة بالتزاماتها نحو المساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح، إضافة إلى توفير وسائل ضمان توافر الحد الأدنى من الأمانة والنزاهة المالية في الإدارة. من هذه الوسائل على سبيل المثال اشتراط توافر أغلبية من الأعضاء غير التنفيذيين في مجلس الإدارة، وإنشاء لجان مستقلة تمر من خلالها القرارات ذات المساس بالأمور الجوهرية في الشركة. كما وضعت اللائحة أحكاماً لحماية أقلية المساهمين من تعسف الأغلبية، وبينت المعلومات التي يجب على الشركة الإفصاح عنها في تقاريرها السنوية المعروضة على جمعية المساهمين والمعلنة للجمهور).
وفيما يلي نص أسئلة القراء وإجابات مستشار السوق:
شركة إسهام أعلنت قبل ثلاث سنوات ونصف على موقع تداول عن رغبتها في زيادة رأس مالها إلى الضعف وحتى الآن لم تقم بذلك ولم تفصح خلال هذه المدة عن أي معلومات حول توجهاتها لزيادة رأس مالها.. هل هناك نصوص نظامية تغطي هذه الحالة؟
الرياض - أحمد البادي
- وفقاً للتعليمات المطبقة في السوق المالية السعودية يُعد توجه الشركة المدرجة نحو زيادة رأس مالها من التطورات الجوهرية التي يجب الإعلان عنها، وذلك للأثر الذي يتركه مثل هذا الإعلان في المملكة على سعر السهم. ولما كانت زيادة رأس المال تمر بمراحل عديدة تبدأ من الاقتراح ثم الدراسة ثم صدور توصية من مجلس الإدارة ثم العرض على الجمعية العمومية.. وهكذا، فقد أوجبت التعليمات أن تنشر الشركة إعلاناً عندما يصل هذا الموضوع إلى مرحلة صدور توصية مجلس الإدارة بزيادة رأس المال. ويُفترض أن تُبادر الشركة بعد صدور التوصية الى استكمال الإجراءات اللازمة لذلك مثل إعداد الدراسات المالية والقانونية والحصول على الموافقات من الجهات التنظيمية وعرض الموضوع على الجمعية العامة. فإن تراجعت الشركة عن هذا التوجه أو حدثت ظروف تُعيق ذلك، وهذا أمر متصور، فمن الواجب على الشركة أن تنشر إعلاناً آخر عن هذا التراجع أو تلك الظروف لأنها تُعد في مثل هذه الحالة من التطورات الجوهرية التي يجب الإعلان عنها وفقاً لقواعد التسجيل والإدراج. أما وقد مضت مدة ثلاث سنوات دون زيادة رأس المال ودون الإعلان عن خلاف ذلك فإن الأمر لا يعدو أن يكون واحداً من الآتي: إما أن تكون الشركة قد تراجعت عن زيادة رأس المال أو واجهتها ظروف مُعيقة، وفي هذه الحالة تكون قد خالفت النظام ما لم تكن قد أعلنت عن هذا التطور، أو تكون الشركة مستمرة في توجهها نحو زيادة رأس مالها ولكن إجراءات بيروقراطية أو إدارية لا تزال تُعيق الموضوع، وفي هذه الحالة تفرض مقتضيات حسن الإدارة واحترام المساهمين أن تُفصح الشركة عن ذلك عبر تصريحات صحفية أو نحوها. وفي أي من الاحتمالات السابقة المتضمنة مخالفة الشركة للنظام يجوز للمساهم المتضرر رفع دعوى التعويض ضد الشركة.
الجدير بالذكر أن توجه شركة نحو زيادة رأس مالها لا يُعامل في الأسواق الأخرى بمثل تلك النظرة الإيجابية السائدة في بالمملكة. بل إنه في كثير من الحالات يعد خبراً سلبياً أكثر منه إيجابيا لأنه يدل على فشل الشركة في الحصول على تمويل احتياجاتها المالية بالطريق التقليدي (من البنوك مثلاً). ومعلوم أن التمويل عن طريق زيادة رأس المال يعد أكبر تكلفة من التمويل التقليدي لأنه يقلل من نسبة ملكية المساهمين الحاليين في الشركة. ولا يختلف الأمر حتى لو كانت زيادة رأس المال عن طريق ما يسمى منح أسهم جديدة للمساهمين، لأن الأموال التي حولتها الشركة إلى أسهم هي أيضاً ملك للمساهمين، ولكن بدلاً من دفعها لهم نقداً فرضت عليهم شراء أسهم جديدة من الشركة في مقابلها.
* كثر الحديث عن الحكومة ودورها في الرفع من الشفافية والإفصاح في الشركات المساهمة.. ما هي المشكلات التي يمكن للحوكمة حلها في سوق مالي ناشئ مثل سوقنا؟
- تتميز الأسواق المالية الناشئة بضعف سيادة القانون وانخفاض كفاءة الجهات التنظيمية وغموض السلطة القضائية؛ الأمر الذي يجعل مساهمي الشركات تحت رحمة المديرين التنفيذيين وكبار الملاك. ولتلك الأسباب أيضاً يعاني أصحاب المصالح الأخرى كالعمال والبيئة والمجتمع من تعسف وصلف إدارة الشركة، ولذا تكتسب لائحة الحوكمة أهمية إضافية في مثل تلك الأسواق. وفي المملكة على سبيل المثال بينت لائحة حوكمة الشركات الصادرة من هيئة السوق المالية حقوق المساهمين التنظيمية والرقابية في شركة المساهمة المُدرجة وأوجبت على إدارة الشركة تسهيل ممارستهم هذه الحقوق من خلال جمعياتهم العمومية، ووضعت اللائحة آليات تُمثل في حال تطبيقها ضمانة على وفاء إدارة الشركة بالتزاماتها نحو المساهمين وغيرهم من أصحاب المصالح، إضافة إلى توفير وسائل ضمان توافر الحد الأدنى من الأمانة والنزاهة المالية في الإدارة. من هذه الوسائل على سبيل المثال اشتراط توافر أغلبية من الأعضاء غير التنفيذيين في مجلس الإدارة، وإنشاء لجان مستقلة تمر من خلالها القرارات ذات المساس بالأمور الجوهرية في الشركة. كما وضعت اللائحة أحكاماً لحماية أقلية المساهمين من تعسف الأغلبية، وبينت المعلومات التي يجب على الشركة الإفصاح عنها في تقاريرها السنوية المعروضة على جمعية المساهمين والمعلنة للجمهور.
* هل من الحكمة طرح شركات جديدة في السوق المالية في مثل هذه الأوضاع الاقتصادية وما هي الضوابط القانونية التي تحكم الموافقة على الطروحات جديدة؟
- فيما يتصل بآلية إدراج أسهم الشركات في السوق، يجب - في رأيي - أن يقتصر الدور الذي تقوم به الجهة التنظيمية على اعتماد معايير الإدراج، ومراقبة تنفيذ هذه المعايير سواءً من قبل الشركات أو السوق، دون أي تدخل في تحديد ما يُدرج ومتى يدرج، وبغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية، بل يجب ترك قرار الإدراج لأصحاب الشركات وفقاً لتقديرهم في ضوء مصالحهم. هذه هي الممارسة العالمية المتطورة، فالمعايير الدولية تفترض تركيز الجهات التنظيمية للأسواق على إقرار المعايير ومراقبة تنفيذها باستقلال وحيادية وأن تبتعد عن المؤثرات السياسية أو الاقتصادية التي قد تخل بهذا الحياد. فهذه الجهات مؤتمنة على الأموال والمدخرات، وأي إخلال في حيادها واستقلاليتها سواءً أكان لأسباب اقتصادية أو سياسية أو غير ذلك يعني أن طرفاً من العناصر الخاضعة لإشرافها سيدفع ثمن ذلك لصالح طرف آخر. فإذا رفضت الجهة التنظيمية مثلاً الموافقة على إدراج شركة تستحق الإدراج وفقاً لقواعد التسجيل والإدراج فإن هذا الرفض سيترتب عليه ميزة نسبية للشركات المُدرجة في السوق ترفع من أسعار أسهم شركاتهم على حساب مالكي الشركات التي مُنعت من الإدراج. وبالنسبة لما ورد من تساؤل بشأن الضوابط التي تحكم الموافقة على الإدراجات الجديدة فإن (قواعد التسجيل والإدراج ) هي التي تُطبق بشأنها، ولم يصدر أي تعديل حديث عليها.
* ما هو الفرق بين القضايا المدنية والجنائية ولماذا تصنف قضايا السوق المالية على أنها جنائية؟
- تضمن نظام السوق المالية العديد من الواجبات والمسؤوليات التي يخضع لها ذوو العلاقة في السوق المالية سواءً أكانوا مُصدرين للأوراق المالية أو متداولين لها أو وسطاء في أعمالها. ووضع النظام عقوبات على الإخلال بتلك الواجبات والمسؤوليات من بينها الإنذار والغرامة والسجن وذلك بهدف حماية الحق العام. وكذلك أعطى النظام للمتضرر من الإخلال بتلك الواجبات والمسؤوليات الحق في التعويض عما لحقه من ضرر بسبب المخالفة. أما ما يتعلق بالعقوبات فإنه يُعرف بالجانب الجنائي، وأما ما يتعلق بالحق في التعويض فإنه يُعرف بالجانب المدني. وفي الغالب يكون للمخالفة الواحدة جانبان جنائي ومدني. تختص هيئة السوق المالية ولجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بالدعوى الجنائية، ويتولى الطرف المتضرر من المخالفة الدعوى المدنية أي المطالبة بالتعويض. ويُفترض أن تتقدم الدعوى الجنائية على الدعوى المدنية. وقد تُخفق الدعوى الجنائية وتنجح الدعوى المدنية بسبب اختلاف درجة الإثبات بينهما.
marketadvisor@al-jzirah.com.sa