د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند مستوى 4130 نقطة خاسرا حوالي 218 نقطة أو ما يعادل 5.1% لتصل خسائره خلال الشهر الأخير إلى حوالي 14.8%، وهو معدل مرتفع للخسائر يوازي مستويات الخسائر في أوج فترات التصحيح القاسي.. وتأتي هذه الخسارة في سياق استمرار المثبطات النفسية السلبية التي أصبحت إحدى سمات السوق.. وقد خسر المؤشر نسبا عالية يومي الأحد والاثنين تأثرا بمعدلات التراجع الحادة لسهم سابك يومي السبت والأحد.. وقد لامس سهم سابك قاعا قياسيا جديدا هذا الأسبوع عند 33.6 ريال.. وإذا كانت تراجعات سابك تضفي مزيدا من السلبية على حركة التداول في السوق، فإن هناك بوادر لدلالات إيجابية، أبرزها ما لوحظ خلال الشهر الأخير من ازدياد وتيرة طرح صناديق استثمارية جديدة متخصصة في سوق الأسهم السعودية، وهو يعد أمرا غير معتاد في ضوء الخسائر الفادحة والمتوالية التي يحرزها مؤشر السوق يوما بعد يوما.. فعلام يدلل ذلك؟ وألا تعتبر الصناديق طرفا محترفا في السوق، فكيف يمكن تفسير دخولها المكثف الآن في عز نزول السوق؟
إلى أين يا سهم سابك؟
من قاع 70 ريالا إلى قاع 43 ريالا ثم إلى قاع 40 ريالا اعتقد الجميع أن سهم سابك لن ينحدر أكثر من ذلك، وأنه قد آن الأوان لكي يسكن تراجعه، إلا إنه على ما يبدو لا يزال هناك المزيد من القيعان حتى لامس يوم الاثنين الماضي مستوى 33.6 ريال، وهو مستوى متدن وغير متوقع.. وتأتي هذه التراجعات رغم التحسن النسبي في أسعار النفط هذا الأسبوع.. أي أن تراجعات سهم سابك انفصلت عن الأخبار من سوق النفط..
السوق يغلق على هبوط رغم ربحية داو جونز الثلاثاء 5.8%:
هناك من يقولون إن السوق السعودي يرتبط نفسيا بالبورصات الأمريكية، إلا أن هذا الكلام لا يمكن تصديقه كاملا لأن هذا الارتباط أصبح في الجوانب السلبية فقط، بدليل أن داو جونز المتهم بأنه الأكثر تأثيرا على السوق السعودي، قد ربح يوم الثلاثاء نسبة 5.8%.. ومع ذلك، فإن السوق السعودي لم يستجيب لهذه الأخبار الإيجابية إلا بعضا من جلسة الأربعاء، وأغلق خاسرا حوالي 13 نقطة في نهاية الجلسة..
هل يصح الحديث عن استثمارية الأسهم؟
رغم حالة التشاؤم التي تسود السوق والمتداولين فيه، ورغم أن السوق يبدو كما لو لا يوجد به أي بارقة أمل من ناحية الجاذبية الاستثمارية.. إلا إن كل ذلك لن يستمر.. وقد عودنا السوق السعودي على الارتداد والفورات غير العادية التي تصل في بعض الأحيان إلى ضعف قيمة مؤشره.. فعندما وصل المؤشر إلى 6767 نقطة في منتصف عام 2007م، ارتد فجأة وبدون مقدمات ليصنع دورة صعود وصلت به إلى مستوى 11895 ألف نقطة تقريبا مع بداية عام 2008م.. وفي كل مرة لا يستفيد من هذه الفورات إلا من يمتلكون الحرفية في تحديد أو التنبؤ بأوقات حدوثها.. ويعتقد البعض أن السوق أصبح مؤهلا لإحداث إحدى هذه الفورات التي تعطي أرباحا استثنائية تعيد للسوق والمتداولين نشوتهم واحتفاءهم به.. إلا أننا يجب ألا ننخدع بأخذ هذه الفورات على أنها ستستمر وبخاصة مع انحدار المؤشر إلى ما بعد 6767 نقطة بعد انتهاء مساره الصاعد.. لذلك، فالحديث عن استثمارية السوق يعتبر مهما الآن، وبخاصة مع ضرورة التفرقة بين أسهم تستحق الآن الدخول والتجميع فيها، وبين أسهم تستحق الخروج منها فورا، لأنها قريبا قد لا تساوي بضعة هللات مع توقعات اقتراب موعد التجزئة الجديدة.
15 صندوقا استثماريا جديدا تخترق سوق الأسهم:
رغم تشاؤمية كافة التحليلات عن سوق الأسهم ورغم الخسائر الحقيقية الكبيرة والمتسارعة التي لحقت بمؤشر السوق ورغم كثافة المثبطات المحيطة بالبورصات الخليجية والعالمية ككل ورغم التراجع الحاد في أسعار النفط.. رغم كل ذلك، فقد لوحظ أن هناك تكثيفا لطرح صناديق استثمارية جديدة متخصصة للعمل في سوق الأسهم السعودية.. فخلال الشهرين الأخيرين طرح عدد 7 صناديق جديدة، وخلال الشهور الست الأخيرة طرح ما يناهز 15 صندوقا جديدا.. وجميعها للعمل في سوق الأسهم السعودية (ارتفع عدد الصناديق من 41 صندوقا في 6 سبتمبر 2008م إلى 56 صندوقا حسب آخر إغلاق).. فكيف وما هي أهداف الجهات الطارحة لهذه الصناديق إذا كان السوق يسجل تراجعا تلو التراجع؟
ما هي الفلسفة وما هي النوايا؟ كيف سيربحون في عز النزول؟ ثم إذا كنا نتحدث عن صغار مستثمرين بلا وعي أو بدرجة وعي استثماري متدنية، فإننا هنا نتحدث عن شركات مالية متخصصة غالبيتها تتبع لجهات دولية أو بنوك أو مؤسسات تمتلك المهارة والحرفية التامة في العمل في البورصات العالمية.. أي أننا أمام جهات محترفة ولا تعمل بعشوائية.. إذن فإنها تتوقع أن السوق الآن أصبح آمن للدخول أو أنها تعد نفسها لتكون حاضرة (وليمة دسمة) قريبا ستكون جاهزة.. في الحالتين، فإن التوقعات تشير إلى أن هناك عودة لإحياء سوق الأسهم من جديد.. ربما عودة لعهد يفتقده الجميع.. وإلا فعلام تراهن هذه المؤسسات بصناديقها الجديدة؟ بالطبع على تحقيق أعلى أرباح.
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com