د. حسن الشقطي
تعتبر نسبة السعر إلى القيمة الدفترية (P - B) من النسب المالية المتعارف عليها لتقييم الأسهم.. وتقارن هذه النسبة السعر السوقي للسهم بقيمته الدفترية. وتحسب القيمة الدفترية للسهم بقسمة حقوق المساهمين على عدد أسهم الشركة المصدرة.. وتعرف هذه النسبة عادة بمكرر القيمة الدفترية.. ويتم تقييم أي سهم بناء على هذا المكرر بحيث يكون السهم مغريا وجذابا كلما اقترب سعره السوقي من قيمته الدفترية، حيث تكون القيمة المدفوعة لشراء السهم مغطاة بأصول الشركة..
أما ارتفاع هذا المكرر فيعطي انطباع بوجود مبالغة في تقييم المستثمرين للسهم، بشكل يوجب الحذر في التعامل مع هذا السهم، أو ربما يخلق انطباع بأن السهم في طريقه لمزيد من ارتفاع القيمة السوقية، وبالتالي قد يكون ارتفاع هذا المكرر معيارا لمزيد من الإقبال عليه.
إلا أن ذلك لا يمثل مشكلة، وإنما المشكلة بدأت تظهر في قوائم التقييم المالي لبعض الشركات السعودية التي انحدر فيها هذا المكرر إلى أقل من واحد صحيح، ورغم ذلك، فلا يوجد إقبال على السهم.. فكيف ولماذا تحولت مكررات القيمة الدفترية التي تقل عن واحد صحيح من عامل جذب للمستثمرين إلى عامل مثبط للإقبال على هذه الأسهم؟ وهل التراجع الحاد في هذا المكرر لكثير من الأسهم خلال العامين الأخيرين راجع إلى انخفاض الأسعار السوقية للأسهم فقط أم راجع أيضا إلى تغيرات غير مفسرة في القيم الدفترية لها؟
بالطبع إذا كان السبب هو الانخفاض في الأسعار السوقية، فقد يكون مقبولا، لأنه يعد بمثابة تصحيح لفقاعات في القيم السوقية لهذه الأسهم.. أما إذا كان السبب مرتبط بالتغيرات في القيم الدفترية للأسهم نفسها، فهذا يتطلب تفسيرات حول مسببات هذه التغيرات. بل ما هو أهم، هو معرفة هل التغيرات في القيم الدفترية إذا كانت بالنقصان ناجمة عن انخفاضات في قيمة الأصول أم زيادات في قيمة الخصوم لشركات هذه الأسهم؟
الجدول (1) يوضح مقارنة بين الأسعار السوقية والقيم الدفترية لبعض الأسهم القيادية الرئيسية بالسوق ما بين قيمها في نهاية 2006 و10 مارس من هذا العام.. وهو يوضح مفارقات غريبة ويصعب تفسيرها، أهمها التراجع الملحوظ في القيمة الدفترية للأسهم القيادية. فسهم الراجحي تراجعت قيمته الدفترية من 29.9 ريال في نهاية 2006م إلى 18.02 ريال في 10 مارس من هذا العام.. أيضا تراجعت القيمة الدفترية خلال نفس الفترة لسهم سامبا من 25.5 ريال إلى 22.05 ريال. حتى سهم الاتصالات، فرغم أنه أحرز زيادة في قيمته الدفترية، إلا أن حجم هذه الزيادة كان ضئيلا للغاية لدرجة أنه لا يذكر. فقط سهم سابك هو الذي أحرز زيادة ملموسة في قيمته الدفترية خلال هذه الفترة من 29.15 ريال إلى 34.3 ريال، محققا زيادة بنسبة 17.7%.
إن الأمر هنا لا يرتبط فقط بتفسير التراجع في مكرر القيمة الدفترية، ولكننا نحتاج إلى تفسيرات لأسباب التراجع في القيم الدفترية لهذه الأسهم ذاتها.. فمن المعروف أن تقييم هذه القيم الدفترية لا يرتبط بسوق الأسهم أو بتقييمات المستثمرين لها، بل يرتبط بالفرق بين أصول وخصوم الشركة.. فلماذا تراجع هذا الفرق للشركات الكبرى في السوق؟ هل نتيجة زيادات في خصومها أم تراجعات في أصولها؟
أيضا ومن جانب آخر، كلنا نعلم بأن التصحيح السوقي البادئ في فبراير 2006م حدث مستهدفا علاج وتصحيح المبالغات في القيم السوقية للأسهم الناتجة عن فقاعات صنعها المضاربين بممارساتهم الخاطئة.. ولكن إذا كان هذا التصحيح السوقي يستهدف الأخطاء في القيم السوقية، فمن هو المخول بتصحيح الأخطاء أو التغيرات السلبية في القيم الدفترية؟ إننا نتحدث عن تراجعات في القيم الدفترية لأسهم قيادية، وذلك إما لزيادات أو مبالغات في الخصوم أو تراجعات في الأصول وكلاهما يتطلب تفسير منطقي له.. بالطبع إننا هنا نتحدث عن الإدارات التنفيذية للشركات ومجالس إداراتها التي إن لم تكن المبررات المقدمة منهما للتغيرات في القيم الدفترية مقبولة، فإننا نكون في حاجة ماسة لتصحيح ولكن من نوع لآخر، هو تصحيح للقيم الدفترية؟
(*) محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com