Al Jazirah NewsPaper Friday  13/03/2009 G Issue 13315
الجمعة 16 ربيع الأول 1430   العدد  13315
للرسم معنى
الفن التشكيلي طعم لمصيدة التسوق
محمد المنيف

 

دعيت لحضور معرض تشكيلي في أحد الأسواق التجارية ولكوني غير مقتنع بالفكرة من أساسها فقد اعتذرت مع أن من دعاني لم يحضر المناسبة وقد يكون هو أيضا يشاركني الرأي وكأني به يجس النبض فوجده عاليا فاستخار وعدل عن نيته، ومع احترامي لكل وجهة نظر حول هذا التوجه إلا أنني باق على رأيي الذي أبين أسبابه التي منها أن ما يقدم للفنانين المقام لهم معرض في أحد الأسواق من الدعم لا يشكل إلا النزر اليسير متذكرا المثل (لم يأخذ من الجمل إلا أذنه) يعني أنه لا يعطى لهؤلاء الفنانين عن إقامتهم للمعرض إلا أقل القليل من نتائج ما سيحظى به السوق من دعاية وتغطيات صحفية للمعرض تجلب لهم الزبائن أو يجعل لهم موقعا في خدمة الثقافة والفنون، ومن المؤسف أن يندفع البعض من الفنانين لقبول مثل هذا العرض الذي أرى فيه ابتذال لإبداعهم وأعني بهؤلاء ممن لهم اسم وقيمة في الساحة لهم تأثيرهم وأثرهم في جلب الجمهور للسوق أما الفئة الأخرى الأقل فهما لإبداعها والمبتدئة فلها أن تعرض في أي مكان يناسبها إذ لا أثر ولا تأثير لها كونها تغرد خارج السرب.

السؤال هو ماذا تقدم هذه الأسواق لمثل هذه المعارض فقليل منها تخدم المعرض ولا أن تدفع قيمة بروشور صغير وإن حدث فسيكون بمستوى دعايتهم للمنتوجات الغذائية، ثم هل تقتني إدارة السوق أعمال..؟، وهل تضع إعلانا في الصحف لدعم هؤلاء الفنانين ودعوة الجمهور لمعرضهم.

لقد راقبت هذه المعارض عن قرب وشاهدت ما تجده اللوحات من تهميش من قبل الزبائن الذين لا هم لهم إلا البحث عن بضاعتهم التي أتوا من أجلها إضافة إلى ما يحيط بالمعرض من ضوضاء وتحرك غير منظم ومرور عابر لا يمكن أي متذوق أن يقف ويتأمل ويحاور ويبحث عن مفاتيح قراءة اللوحة أو المنحوتة في مثل هذه الأجواء، قد يقول قائل إن الفكرة ليست جديدة وأنها عالمية وأنا أوافقهم الرأي لكن السؤال المقابل هل شاهدوا في الأسواق معارض لفنانين مشاهير، وإن حدث مثل هذا فكم قدم لهذا الفنان أو أنه أعطى مساحة من السوق وترك يبحث عن زائر مثقف أو مقتني يعرف كيف ومتى وأين يجد العمل الحقيقي.

أنا لا أعترض ولكني أطالب المسؤولين عن الأسواق احترام هذا الفن وإعطائه المكان والدعم الذي يليق به، كما أدعو الفنانين إلى أن يضعوا إبداعهم في موقعه الحقيقي وأن لا يتنازلوا عن أي حق يرتقي بفنهم لمجرد دعم وضع كطعم لمصيدة التسوق التي يسعى لها أصحاب الأسواق أكثر من همهم الثقافي.

لا أريد أن أسهب لئلا أكشف الكثير من المواقف التي عشتها مع أصحاب أسواق يرون في هذا الفن ما لا يراه أصحابه.

MONIF@HOT MAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد