تعد جمعية الثقافة والفنون من أقدم المؤسسات الثقافية الفنية في المملكة.. فقد تأسست عام (1393هـ) وهي أحد أهم منجزات الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
وإذا علمنا أن الرئاسة ولدت كإدارة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.. وفي بيئة مجتمعية رافضة للرياضة والرياضيين وللفن والفنانين.. حيث ترى في الرياضة مثلمة ومدعاة للهو وإضاعة الوقت.. وفي الفن نافذة للفساد والعبث.. لعرفنا مقدار الجهد المطلوب وحجم المسؤولية الملقاة على عاتق من سوف يتصدى لهذه المهمة.. ولنظرنا وبكثير من التقدير إلى النتائج التي تحققت على أيدي من تولوا تلك الإدارة.. فالقضية لم تكن بناءً للرياضة والفن والإبداع فقط بل كانت نقضاً للفكر السائد تجاه الرياضة والفن أولاً.. وإذا كانت المهمة أسهل قليلاً في الحجاز.. فهي ليست كذلك في بقية مناطق المملكة.. لذلك كان قرار إسناد الإدارة ومن ثم الرئاسة إلى أبناء الملوك خطوة مقصودة.. وتأكيداً من الدولة على أنها عازمة على تصحيح المفهوم الخاطئ الذي ترسخ لدى بعض شرائح المجتمع السعودي التي توجست شراً من الرياضة مع اعترافها بمقولة: (العقل السليم في الجسم السليم)..
ولعل من حسن حظ مجتمعنا أن الأمير خالد الفيصل ومن ثم الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) كانا مثقفين ذويْ وعي عميق بتأثير الشباب على الحراك الاجتماعي الكلي للمجتمع.. وهذا ما جعل رعاية الثقافة والفنون أحد مجالات العمل في النظام الأساسي لرئاسة رعاية الشباب.
بعد تحول رعاية الشباب من إدارة ضمن إدارات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى رئاسة مرتبطة بمجلس الوزراء.. قامت الرئاسة بإنشاء جمعية الثقافة والفنون التي روعي في نظامها أن تكون مؤسسة شبه أهلية بإعانة وإشراف من الدولة.. بهدف إبعادها عن روتين العمل الحكومي.. وبرغم أنها أُسست كجمعية للفنون فقط.. إلا أن الأمير فيصل بن فهد رأى أن تكون الثقافة هي الذراع المتكاتفة مع الفنون لدعم الحراك الاجتماعي الكبير الذي بدأت إرهاصاته بالظهور مع منتصف السبعينيات الميلادية.
إن الفكر التنموي والمبادرة الرائدة كانت هي الأساس لإنشاء وقيام جمعية للثقافة والفن.. تم مساندتها بالأندية الأدبية التي اتجهت إلى خدمة الأدب والمهتمين به على المستوى المحترف (إن صح التعبير) وترك الهواة والبراعم للجمعية للاعتناء بهم ورعايتهم ودعم أنشطتهم وهواياتهم وتحفيزهم للإبداع.. إن قيام الجمعية والأندية الأدبية أوجد اللبنة الأساسية الأولى التي يمكن البناء عليها..
فقد قدمت الجمعية خدمات مهمة ومؤثرة في المجالات الإبداعية من مسرح وفن تشكيلي في بيئة رافضة أو في أحسن الأحوال نافرة أو مستريبة من نشاطات الجمعية.. لذلك واجهت العديد من المصاعب والمعوقات.. وكان من أهم تلك العوائق في نظري سوء الفهم الذي قوبلت به الجمعية في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية والذي تزامن مع انطلاق عمل الجمعية وتأسيس فروعها في المناطق.