يتخرج الطالب من الثانوية العامة بنسبة تتناسب مع قدراته، لا مع جهده المبذول في الدراسة كما يعتقد البعض الكثير.
يتخرج ولديه حلم كبير رافقه وكبر معه في كل سني دراسته.. أن يرتاد كلية تتناسب مع ميوله وآماله.
يبذل قصارى جهده لكي يحصل على درجات عالية ويستعين أحياناً بمدرس خصوصي قد يساعده على زيادة تحصيله الدراسي، يسهر وينعزل عن المجتمع والناس، ويحصر كل اهتمامه على حفظ الكتاب من الجلدة إلى الجلدة، وبعد كل ذلك الجهد والكبد يظن أنه سوف يتبوأ مكاناً مشرفاً بين المتفوقين، ليس لأنه يريد ذلك فحسب، بل لأنه يريد أن يدرس التخصص الذي لطالما حلم به.
اليوم هو يوم استلام الشهادات يفرح البعض بدرجاتهم ونسبهم، ويصعق البعض الآخر بدرجاتهم التي لا تتناسب مع ما بذلوه من جهد جهيد!.
وتكون تلك صدمته الأولى.. الأخف والأرحم من ما سيقابله من صدمات مؤلمة!.
الجامعة.. الحلم الكبير، المرحلة المنتظرة، لم يحلموا بجامعة (هارفارد)، لم ولن يستطيعوا دخول (السربون)، إنهم يطمعون بأقل من ذلك (جامعة الملك سعود).
يتقدم الطالب بأمل وطموح ورغبة حقيقة في دخول الجامعة والحصول على وظيفة مرموقة لاحقاً.
يقدم أوراقه وينتظر القبول بشغف واهتمام، ويصدم للمرة الثانية.. أنت غير مقبول في هذا القسم لأن الكلية تطلب نسبة أعلى من نسبتك بدرجة واحدة!.
يتحطم وترتفع درجة حرارته درجات! ولكن يبقى فيه بعض من حبات الأمل فعمه أو خاله قد يساعدانه، وجده كان زميل أحد المسؤولين في الجامعة في مقاعد الدراسة!.
فيضطر للاتصال بخاله المشغول، فيعده بالمحاولة وإجراء بعض الاتصالات وأنه سوف يرد عليه قريباً.
يحاول الخال ويحرج مع هذا وذاك في سبيل قبول ابن أخته في الجامعة الحلم!.
وبعد كل محاولات الترجي والاستجداء والاستعطاف، النتيجة.. لا شيء!.
ينهار الطالب المسكين ويتخذ مساراً مختلفاً لم يقتنع به يوماً.. قد ينحرف وقد ينضم لجماعات متطرفة حاقدة على المجتمع والناس ويعيش بطالة سابقة لأوانها.
يفكر بالانتقام ويتحول إلى شخص حاقد وعصبي. وبعد كل ذلك يلوم المجتمعُ الشبابَ ويتساءل بسذاجة مزعجة، لماذا شبابنا غير طموح؟!.
ألا يتكرر هذا السيناريو كثيراً؟.. كم من طالب وطالبة حلموا بالطب والهندسة والقانون وغيرها من الأقسام وحالت دون دخولهم درجة واحدة أو بضع درجات؟!
وكم من طالب أريق ماء وحهه وهو يتحبب أحد الموظفين لينهي أوراقه؟!
كم من شاب كان ضحية مزاجية مسؤول يقفل أبوابه أمام كل شاك أو مستفسر؟!
إذا كان ولاة الأمر والأمراء وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد لله نفسه يفتح أبوابه لشعبه ورعيته، فلماذا يوصد الموظفون العاملون في عمادة القبول دونهم الأبواب؟!
لماذا والدولة تصرف المليارات كل عام على تطوير الجامعات بشكل خاص ويضطر كثير من الطلاب السعوديين للاغتراب والسفر لتتلقفهم الجامعات العربية في الأردن ومصر واليمن وسوريا فيحققوا هناك أعلى العلامات!؟.
لماذا نفعل بأبناء وطننا كل ذلك؟! لماذا والجامعة من المفترض أن تكون الأنموذج الأجمل والأرقى والأطهر؟!.
وسؤال آخر يطرح نفسه.. هل تريد عمادة القبول والتسجيل أن يحصل كل طلاب الثانوية العامة على الامتياز؟؟ هل تغالط الفطرة الإنسانية في تنوع المستويات العلمية لدى للطلاب؟! فأين سيذهب الطالب الذي حصل على تقدير جيد ولا تسمح له ظروفه دخول جامعة أهلية جامحة في أسعارها؟؟.
للأسف عمادة القبول والتسجيل اليوم مرتع للبيروقراطية والمزاجية المؤذية.. وأدعو كل من يتهمني بالغلو والمبالغة في طرحي هذا ليقوم بزيارة للعمادة في جامعة الملك سعود ليرى بأم عينه ما يعانيه هؤلاء الطلاب من سوء المعاملة والتسويف.
أضحى معنى كلمة طالب (طالب رحمة مسؤول) يسهل طريقه إلى العمادة ومن ثم إلى الجامعة.. وليس (طالب علم) يسهل الله طريقه إلى الجنة.
أدعو مدير جامعة الملك سعود الدكتور العثمان الذي لمسنا في عهده التغيير والتطوير والأداء الطموح الواعي من خلال هذا المنبر أن يوقف الأداء غير المقبول في عمادة القبول والتسجيل.. أناديه بأن ييسر الطريق أمام الشباب والشابات ولا يعسره..
وأهمس في أذن كل مسؤول عماه منصبه وكان أنفه أبعد ما يستطيع رؤيته.. خافوا الله في أبناء هذا الوطن وبناته.
وأدعو رجال الفكر والعلم ليعيدوا النظر في اشتراطات ومعايير القبول لنحفظ من لم تسعه المعايير من دخول عالم الضياع من أوسع أبوابه! والله من وراء القصد.