Al Jazirah NewsPaper Monday  09/03/2009 G Issue 13311
الأثنين 12 ربيع الأول 1430   العدد  13311
بين قولين
العدو من؟!
عبدالحفيظ الشمري

 

بات الكثير منا لا يتقن التعرف على من حوله، ولم يحن الوقت بعد لكي نتعرف عن (كثب) على من هو العدو؟ ومن هو الصديق؟، لأننا في الغالب طبعنا بنمطية حادة من الجزم والظن أن من ينافسنا على أي أمر دنيوي بسيط، أو قوي، هو العدو، أما إن كان الأمر مادياً على نحو طلب حقوق، أو على سياج أرض، أو حمى دار فثق أن هذا هو العدو (اللدود) الذي تلهج به الألسن ولا تمل الأفواه ترديد الحديث فيه منذ زمن.

أما (كثب) و (لدود) في علمنا العربي، ولغتنا الرحبة فهو لا يعدو كونه تفصيل لخطاب الاهتمام والمغالاة في النظر إلى الأمور، أما (اللدود) الذي يقف في مواجهتك أو موازاتك والذي تظن أنه لا يتخلى عن عداوتك بأي حال من الأحوال فهو الذي شغلنا فيه كثيراً وبات يستفحل ويستشري بشكل واضح لا لبس فيه.

الأمر لم يتوقف عند هذه النقطة في وصف (العدو اللدود) إنما دخل المنجمون، وقراء الحظ، والنحس، والمفتشون في خطوط الطالع، والنازل، بأن عدوك اللدود، وغيره قد يتربص بك حتى وإن كان أقرب الناس إليك.

إلا أن السؤال الذي يظل يتوثب كذئب حذر هو فرضية من يكون ذلك العدو الحقيقي؟ ومتى يكون هذا الإنسان أو ذاك هو عدوك بالفعل؟، ومتى تكون أنت في خانة الأعداء، وفي أي لحظة وتحت أي ظرف من الظروف يمكن أن تصنف من يجادلك ويقف في وجه رؤاك بأنه عدو لا يخلو من هذه (اللدية) التي تتغلغل في وجدانه حسب زعمك؟

العدو يُعرَّف بعدة مضامين، ووفق رؤى متباينة ومترامية.. فقد يرمي البعض من هؤلاء حتى أهل القربى منه ولمجرد أي خلاف أو اختلاف معه في الأهواء والميول ليصنفه حتماً في خانة المناوئين، وليس أسرع من أن تضم في قائمة (الأعداء الألداء) كل من يجادلك أو يحاول أن يلغي رأيك أو يقلل من شأن حكايتك.

أصبحنا نتوجس حقيقة حتى من أن نشير إلى العدو الحقيقي باعتبار أن هناك أعداء كثراً بيننا وبين عدونا الكبير، فعلينا أن نفترض الإصغاء للإدعاء الذي يشير خطأً إلى القضاء على من حولنا من خصوم ومناوئين من أجل أن نتفرغ للعدو، ولكن قد نسجل هذا العدو الكبير في خانة الأصدقاء، لأنه لا يمكن له أن يفوت الفرصة في الاحتفاء بنا، والربت على أكتافنا إذا ما داومنا على قمع من حولنا، وجعلناهم جميعاً في خانت كبيرة تمثل الأعداء، فيما الهامش الأصغر هو للأصدقاء، لأن الغالب الأعم بيننا يرى من حوله أنهم في مصاف الأعداء المفترضين في حياتنا وواقعنا اليومي.

لم يقف المصطلح عند حدود الفهم للعدو إنما بات يتخلق، وينحت مرادفات حول هذا البعد التأثيري على علاقاتنا مع من حولنا.. فهناك (الحبيب اللدود)، و (العدو الواقعي) كما نسمع هذه الأيام، وكذلك (العدو العصري) والمحايد، والنزيه والبرجماتي.. وقد ننعت كل من يذبحنا باسم الواقعية على نهج (اصبروا خلنا نشوف هل هو عدو لدود أو غير لدود).



hrbda2000@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد