Al Jazirah NewsPaper Monday  09/03/2009 G Issue 13311
الأثنين 12 ربيع الأول 1430   العدد  13311
هل يفعلها وزير العدل الجديد؟
د. محمد أبو حمرا

 

كثير من التفاؤل بالوجوه الجديدة في عدد من المناصب العليا؛ وهو تفاؤل تكمش اتساعه التجربة مع الوقت والخبرة؛ والروتين الذي درج الكل عليه.وما نحن بصدده اليوم هو محاولة الخروج من دهاليز البيروقراطية المستطيلة التي لا تنتهي إلا بعد جهد جهيد ووقت مديد قد يصل عمرا أو.

...يأكل عمرا من الترافع والتقاضي والمراجعات التي كان بالإمكان أن تختصر.

ومن الأسماء الجديدة معالي الدكتور الشيخ محمد العيسى؛ وهو من الشباب الواعي والمدرك الذين نرجو على أيديهم خيرا. وقد رشح ليتولى منصب وزير العدل؛ وهي وزارة من أكثر الوزارات مساسا بمصالح الناس؛ بل هي محور لكثير من الشؤون والشجون.

وما نحن بصدده اليوم هو محاولة الخروج من دهاليز البيروقراطية المستطيلة التي لا تنتهي إلا بعد جهد جهيد ووقت مديد قد يصل عمرا أو يأكل عمرا من الترافع والتقاضي والمراجعات التي كان بالإمكان أن تختصر.

ومن عوائق تأخير مصالح المراجعين لوزارة العدل ما تمثله المعاملات في المحاكم؛ حيث تدور سنون طويلة حتى تنتهي أو لا تقبل مضمونا؛ وهنا يجب البحث عن الخلل وإصلاحه بجد ودون مراعاة لمن يقف ضد إصلاح الآلية لخدمة الناس خدمة راقية مع حفظ كرامة المواطن عند المراجعة، وفي نفس الوقت تحفظ هيبة القضاء بالرغم من أنها محفوظة سلفا وعرفا وواقعا.

يأتي (أغلب) القضاة إلى الدوام بعد الساعة العاشرة؛ وهو شيء مشاهد وواقع ولا ينكره عاقل؛ ويأخذ مجيئه دورة مملة وبطيئة؛ فيدخل لمكتبه ويشرب القهوة العربية؛ حتى يفوح الهيل عبر الباب المؤدي إلى (المختصر) ثم يفتح الباب للمراجعين؛ يجلس أصحاب الشأن انتظارا، وبعد الجلسة التي قد تطول وقد لا، يخرج للوضوء لأداء سنة الضحى، وينتظرون، يعود إليهم ويجلس مراجع أو اثنان، يقوم للوضوء لصلاة الظهر، وينتظرون، فيذهب لمسجد المحكمة التي يتبعها بعد احتساء فنجان قهوة في (المختصر) ويبقى بعد أداء الفريضة ليكمل السنة في المسجد، ويعود ببطء شديد إلى (المختصر) ليحتسي فنجان القهوة، ثم يفتح الباب للخصوم، تشير الساعة إلى الواحدة وأربعين دقيقة، يقوم القاضي ويوعز لكاتبه بأن يعطيهم موعدا قد يكون بعد ستة أشهر.. وتدور عجلة الأيام دون أن تنتهي القضايا.. فأين الخلل؟

يعتذر القضاة وكُتّاب العدل بقلتهم، وكثرة المراجعين؛ وهو اعتذار قد يكون في محله، لكن ليس مبررا لأن يضيع وقت القاضي والمراجع معا؛ لأن احترام الوقت شيء مهم جدا، وهذا ما لا يهتم به (أغلب) أولئك؛ فتجد بعضهم يهتم بالحضور للمحكمة أو كتابة العدل من مبدأ إثبات الحضور؛ وحتى يقولون: جاء الشيخ. فقط، أما أن يقال جاء الشيخ وأنهى العمل المناط به بوقت عقلاني فهذا لا يهتم به (أغلبهم) كما هو مشاهد ومعروف عند كل من يراجع المحاكم وكتاب العدل، وإن كان كتاب العدل أكثر إنتاجا من القضاة الذين يحكمون في قضايا روتينية كالعقار وعقود النكاح والطلاق ونحوه.. ولو أجرينا إحصائية لعدد المعاملات المنجزة في المحاكم وفي كتاب العدل لوجدنا أن إنجاز كتاب العدل يعادل إنتاج المحاكم بنسبة مهولة؛ مع كثرة الزحام في كتب العدل؛ ولو أردنا أن نقارن الوقت الذي يهدر في المحاكم دون إنتاجية وبين مثيله في كتاب العدل لوجدنا أن الوقت المهدر في المحاكم أكثر بنسبة هائلة جدا؛ لأن الدوام يبدأ من الساعة السابعة والنصف، والعرف جرى أن يكون من الثامنة، ولكن لن تجد في أية محكمة أحدا قبل التاسعة والنصف، وأبواب المحاكم لا تفتح في بعض المدن قبل التاسعة؛ فإذا دخل المراجع لا يجد إلا الفراشين وبعض الكتبة فقط، أما القاضي فيحضر العاشرة فما بعد، وكأن هذا صار عرفا يتبعونه.

يبدو لي أن مراقبة الدوام في المحاكم تحتاج إلى حزم وعزم لكي لا تتعطل مصالح البلاد العباد بحجة قلة القضاة أو الكُتّاب أو غيرها من الأعذار التي نعرفها مسبقا، ثم لعله من الأجدى أن تكون هناك إدارة مستقلة ومرتبطة بمعالي الوزير وليس فيهم من مهنته قاض أو كاتب عدل؛ بل موظف حيادي محنك يعرف التعامل جيدا.

مسألة الوعي ومراقبة الذات مسألة مهمة، لكن يخنقها شيء اسمه (تعارفنا عليه)، وهو هلاك للوقت وتعطيل لمصالح العباد، ربما هناك مخارج تخفى علينا نحن العامة وتتضح لغيرنا ممن أوتوا علماً شرعياً.. والله المستعان.

فاكس: 2372911


Abo_hamra@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد