أعتقد بقدر صادق من الإخلاص واليقين أن تنمية جيلنا الشاب هي من أهم وأخطر قضايانا التنمويةالراهنة انطلاقاً من منظومة التساؤلات التالية:
* ماذا أعطينا الشابَ وماذا نتوقع له ومنه؟
* ماذا أعددنا له، تربية وتعليماً وتأهيلاً كي يعطي بعض ما نتوقعه منه، أو بعض ما يحلم به هو لنفسه؟
* هل تتوفر لنا، دولة ومجتمعاً ومؤسسات، الأدوات والآليات والبرامج ذات الكفاءة والقدرة والتأهيل علمياً وفنياً وحضارياً وإنسانياً يمكن أن تتشكل في رحمها هوية جيلنا الشاب وقدراته ومبادراته لخدمة وطنه وأهله؟!
* هل تملك مخرجاتُ الأوعية التنموية مجتمعة القدرة لجعل جيلنا الشاب مؤهلاً للعطاء.. مجتهداً في أدائه، وصابراً على تبعاته والبذل في سبيله النفيس والرخيص؟!
**
* غزتني هذه الخواطر والتساؤلات قبل حين وأنا أتأمل سطوراً قديمة كتبتها قبل سنين حول هذا الجيل، رداً على سؤال استنصحني فيه سائله بكتابة ما أراه مفيداً له، خصوصاً أنه قد بات شغلاً شاغلاً للحاكم والمحكوم، والأب والأم والمربي والمدرب، وكل ذي ولاية مباشرة أو غير مباشرة عليه!
**
* وقد انطلقت في (نصائحي) تلك من أن تنمية الشاب القادر على العطاء أكثر من الأخذ، والكسب أكثر من الإنفاق، والبذل خدمةً لنفسه وأهله ووطنه أكثر من الاعتصام إلى الاسترخاء واللا مبالاة، هي الأولوية القُصوى لنا جميعاً، وهي الهمُّ الذي يهزم معظم الهموم التنموية الأخرى!
**
ولذا، أرى أن الاهتمام بالشاب يجب أن يرجح بهاجس (برميل النفط) وبتنويع مصادر الدخل، لأن هذا الجيل هو (الادخار) الحقيقي لنا بعد الله لمستقبل قد (تخذلنا) فيه مدخلات الطاقة أو مُخرجاتها، لكن الاستثمار المجدي في تنمية الشاب سيكون بإذن الله صمام أمن لنا حاضراً ومستقبلاً، ولن نندم أبداً بحول الله لما نُنفق في سبيله من جهد ومال وعرق، غير متناسين أن تنميته تخضع لمشاركة حقيقية جادة بين كل الأطراف المعنية به بدءاً بالبيت، وانتهاءً بالمسجد والمدرسة، والجامعة والمصنع والمكتب والملعب!
**
* هاكم الآن بعض (الوصايا) التي جاد بها الذهن لشابنا المعاصر:
* أولاً: لا تستعجل النجاح تمنّياً، ولا تستسهله ارتجالاً، فما نيلُ المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً!
**
ثانياً: الجامعة ليست كل شيء.. يُدرك به النجاح، وليست كل شيء يسوق إلى النجاح، بل هي جزء من معادلة حياتية قد تؤدي إلى نجاح.. وقد تنتهي بفشل!
**
ثالثاً: احترم آداب العمل وأخلاقياته، وفروضه ونوافله، فالعمل النافع صراط تتحقق به الذات.. وتسمو وتنمو! لا تدع لسانك يتحدث عنك ليزكيك أمام ولي أمرك! عملك هو وحده القادر على ذلك!
**
رابعاً: لا تفتنك زينة الحياة الدنيا ونعيمها المادي عن ثلاثة:
1 ربك الله الذي أنعم عليك بالحياة، ومكنك أن تتعلم ما لم تكن تعلم!
2 ثم أمك التي حملتك وهناً على وهن.. لا ترجو منك جزاءً ولا شكوراً سوى الحب والدعاء.. ثم والدك.. الذي بذل لك الجود مما يجد.. كي تبلغ من شأنك ما بلغت، وليسعد هو بذلك!
**
3 ثم وطنك الذي منحك هوية الأرض وكرامة الأصل، وأريحية الانتماء.. وسخر لك مقومات النمو.. لتبلغ من شأنك ما تريد! أوفِ له الفضل وأخلص له النية.. بالقول والعمل، سراً وعلانية!
**
وفقك الله وسدد خطاك.. وكرّم (رهاننا) عليك بالقبول والإنجاز!