تابعت بدقة رد فعل سمو رئيس الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد بعد الأزمة التي حدثت لجهاز فريقه الكروي الفني، وقد هالني التعاطي الهادئ والحكيم والعقلاني لسموه مع الحدث، وهو أمر لم نتعود عليه في أنديتنا؛ فقد كان لمثل هذا الحدث أن يقيم الدنيا ولا يقعدها في أندية أخرى ويتم تجييش الإعلام بكافة وسائله للحديث بصخب وضجيج عما حدث وتصدر البيانات المنددة والمهددة بالاستقالة.
ولكن سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد المؤسس لحقبة إدارية جديدة ومختلفة في أنديتنا الرياضية أظهر جانب الحكمة المطبوع في شخصيته وأحكم قبضته على انفعالاته الطبيعية وأمسك بكافة خيوط الأزمة وقاد ناديه في ظرف حالك برؤية قائد فذ وتجاوز به تداعيات كان يمكن لها أن تزيد الأمور تعقيداً.
وقد اتضحت بعد هذه الأزمة رؤية سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد لمنصب رئيس نادي الهلال بأنها رؤية شمولية لا تختزل المشهد الرياضي في اسم ناد أو لون فريق، بل هي رؤية تذهب لأبعد من ذلك عندما تكون حاضرة لاستيعاب الضرر وقبوله من أجل الصالح العام.
إن الحقبة التي يؤسس لها سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد هي حقبة الإدارة بالحكمة.. والإدارة العقلانية.. والإدارة باحترام القيادة الرياضية والمرجعيات الرسمية.. والإدارة ببعد النظر.. والإدارة باحترام المنافسين.
وأمام هذا النموذج الإداري الجديد والفريد الذي يقدمه سمو الأمير عبدالرحمن بن مساعد لا نستطيع إلا أن نقف احتراما له ونصفق إعجابا به وننادي الآخرين بالاستفادة منه ومحاكاته. وأجزم بأن القيادة الرياضية والعقلاء في الوسط الرياضي بمختلف ميولهم هم الأكثر ترحيبا وسعادة بهذا النموذج، ويتمنون استنساخه وتعميمه على جميع الأندية.
لقد كانت الأزمة الفنية التي أعقبت نهائي كأس ولي العهد محكا قاسيا وصعبا للإدارة الهلالية، نجحت في تجاوزه بامتياز، رغم أنها سنة أولى إدارة. وجعلنا هذا النجاح الذي قدمته الإدارة الهلالية نتأسف ونتحسر على سنوات عاشتها الرياضة السعودية مع إدارات أندية شعارها (الغاية تبرر الوسيلة)، ورسالتها (أنا ومن بعدي الطوفان)، ورؤيتها (خذوهم بالصوت لا يغلبوكم)، ووسيلتها لتحقيق أهدافها (من له حيلة فليحتال)!!
وكم أصابت هذه الشعارات المنافسة الشريفة في مقتل.. وكم شوهت صورة المشهد الرياضي واغتالت جماله.. وكم أفسدت عقول الناشئين والشباب.
وأكثر ما أخشاه أن تنتصر القاعدة الاقتصادية فتطرد العملة الرديئة العملة الجيدة.