والحديث يتواصل مع المعالم الإسلامية المشهورة في تونس الشقيقة: ومنها (جامع العابدين) في تونس، ويقع في مدخل ضاحية قرطاج القريبة من العاصمة، وتم عمل لوحة تذكارية للمسجد على البوابة الرئيسة في الجهة الشمالية من المسجد ومساحتها حوالي (6?3 متر) وتم عملها من الرخام، ولنبدأ بقراءة اللوحة التذكارية للمسجد: (بسم الله الرحمن الرحيم {ي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} صدق الله العظيم.
خدمة للإسلام الحنيف ورفعاً لمنارته ورعاية لشعائره الزكية وتثبيتاً لقيمه السمحة أذن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية بتشييد جامع العابدين، وعلى بركة الله أشرف سيادته على موكب الانطلاق في بناء هذا المعلم المبارك.. يوم الخميس 20 شعبان 1421هـ - 16 نوفمبر 2000م وعلى موكب فتحه للمصلين يوم الثلاثاء 16 رمضان 1424هـ - 11 نوفمبر 2003م).
والحقيقة أن الجامع يعتبر تحفة رائعة وجميلة، وتم بناؤه على الطراز والفن المعماري الإسلامي المعروف، وهو يشبه في بنائه جامع الزيتونة وجامع قرطبة، في الأروقة والأعمدة والقبب والمحراب، إلا أنه عُمل من الرخام في جدرانه وأرضيته، أما منارته فهي تشبه في بنائها منارة جامع الزيتونة، ولكنها أرفع منها وعملت من بلاط الرخام الأبيض، وتم فرش أرضيته بالحصر المعروفة لدينا باسم (الخصّاف) وهي من المصنوعات اليدوية التي برع أهل تونس في صناعتها يدوياً.
ويوجد في الجامع موقع للقارئ مكوّن من مقعد وطاولة مرتفعة قليلاً يجلس عليها من يقوم بقراءة القرآن جهرياً أمام المصلين قبل بداية الخطبة من يوم الجمعة، وقد أدينا صلاة الجمعة في الجامع يوم 29-7- 1429هـ.
ومن المعالم المشهورة في البلاد التونسية (سوق القيروان القديم) وله أسوار كبيرة ومرتفعة زُينت بالشرف وبوابات كبيرة وواسعة، وقد تم بناء السور والبوابات من الحجارة الكبيرة، وقام التونسيون بتخليد ذكرى بعض الشهداء من شباب المدينة الذين قتلوا في الحرب ضد الفرنسيين، وتم تعليق لوحة تذكارية على البوابة الغربية للسوق كتب عليها ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} صدق الله العظيم.
للوطن: في هذه الساحة وعلى أديم هذه الأرض الطيبة استشهد إخوة مناضلون من شباب تونس من الذين آمنوا بربهم ووطنهم وحقهم في الحرية وبذلوا أرواحهم فداء للوطن وعزته وحريته فليبقوا منارة وضاءة لشعبنا وشبابنا أبد الدهر، وهم: محمد الأندلسي، عمار القحطار، عثمان عمارة، حسين الشريف، استشهدوا بالقيروان يوم 24 جانفي 1952م، أثناء المظاهرة الشعبية ضد المستعمر الفرنسي.
كما يوجد في سوق القيروان عدة محلات تجارية يعرض فيها المصنوعات اليدوية التونسية التي يشتهر بصناعتها أهل تونس ويعتزون بها، مثل المصنوعات الخزفية المتعددة والمصنوعات الطينية والمصنوعة من الطين الأحمر والمصنوعات الخشبية والمصنوعات من الخوص والسعف، كذلك السجاد القيرواني المشهور غالي الثمن الذي تمت صناعته يدوياً من الخيوط المشهورة عندهم.
كذلك من المعالم المشهورة في تونس (أسوار مدينة سوسة) وهي قديمة ومرتفعة ومبنية من الحجارة ولها أبواب مشهورة، منها (باب العسل) ويوجد في سوسة المسجد القديم الذي بني على الطراز المعماري الإسلامي وهو دون منارة، كما يوجد فيها مبنى يسمى (الرباط) وهو حصن قديم وفيه قلعة مشهورة كانت للغرباء أي: يسكن فيه الغرباء الذين يمرون بالمدينة ويحتاجون للسكن، وهو على غرار ما يوجد لدينا في المدن السعودية مثل الرس وأشيقر وغيرهما حيث يخصص سكانها دوراً للغرباء يسكن فيها كل من يمر بالبلدة من غير أهلها.
كذلك يوجد في مدينة بنزرت في تونس التي تبعد عن العاصمة (60 كيلاً) سور المدينة الطويل جداً والمرتفع الذي بناه العرب، وله عدة بوابات ومقصورات مشهورة، وهو مجاور للشاطئ الرئيس بالمدينة الذي يسمى (سيدي سالم)، ويوجد عند مدخل السوق أي بجوار البوابة الشرقية العتيقة (زير) للماء موضوع من أجل الصدقة ويشرب منه كل من يحتاج للشرب، ويبدو أنه من الصدقات الجارية التي تبناها أحد أهل الخير بالمدينة، وهذا الزير كُتب أعلاه عبارة نصّها (لا إله إلا الله.. نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ، يا محمد.. صدقة المحرم بوسعيد، شهر رمضان سنة 1051).
هذه بعض المشاهدات التي شاهدتها في تونس ووددت أن أفيد القارئ بوصفها والكتابة عنها، والذي يثير الإعجاب اهتمام التونسيين بتلك الآثار والمعالم القديمة من أجل إثراء السياحة وإبراز براعة القدماء وما كانوا عليه من العلم والعمل، آمل أن يكون القارئ قد أفاد مما رويت له منها، ولكم مني صادق الود والتحية.
الرس
aa10@maktoob.com