أحب بلادي وأتمنى لها الفوز بجميع المجالات، وأملي أن تعانق السحاب رفعة وعلوا، وتصبح كالجوزاء في كبد السماء! أن يتعصب الإنسان لشيء ما لدرجة أن الحزن يخيم عليه، والدموع تتقاطر من عينيه، ويعلو صوته صراخا ونحيبا لأجل خسارة في لعبة! هذا ما رأيته على شاشة التلفاز قرب انتهاء مباراة منتخبنا السعودي مع منتخب عُمان الشقيق.
عموماً.. حينما يصل الأمر في لعبة كرة القدم إلى ضربات الجزاء، فأنا أجزم بأن كلا الفريقين فائز، ويتمتع كل منهما بأسلوب جيد في اللعب، وضربات الجزاء ما هي إلا إنهاء وحسم لموضوع الترتيب فقط.
بصراحة.. هالني منظر متابعي المباراة، من هم حضور في الملعب، أو خلف شاشات التلفاز، لا أدري بماذا أصور لهفتهم للفوز، ونظراتهم، وترقبهم غير العادي، والله إن المنظر ذكرني بمنظر أم قابعة في صالة انتظار قرب غرفة الولادة، تنتظر بكل ألم ولهفة خبر سلامة ابنتها، وسماع صوت حفيدها أو انتظار أهل وأصدقاء بعد سماعهم خبر حادث مروري مروع لأحد الأحبة وينتظرون خبراً: أحي هو أم ميت؟ أو منظر عاشق هائم على وجهه، لا يدري في أي جهة توجد معشوقته!
يمينا إذا كانت يمينا، وإن تكن... شمالا، ينازعني الهوى عن شماليا. أو منظر طالب في الثانوية العامة، يترقب بهلع مقدار نسبته. ألهذا الحد يصل مدى التأثر بلعبة؟ في العام الماضي، كم وكم ذرفت عيون شبابنا وشاباتنا دموعا، لعدم فوز الشاعر ناصر الفراعنة بلقب شاعر المليون؟ والذي قبله، ذرفت أعصابا وأموالا على مزايين الإبل، والآن ها هي الدموع تُذرف لعدم فوز المنتخب.. ماذا تركنا للأمور الموجعة والمؤثرة حقا، المنطقية والعدل يحتمان إعادة النظر في كثير من الأمور، فلا تطغى بعض الأمور على بعض، ولا يُدعم فن دون الآخر، ليتنا نحظى بالاهتمام فكريا وأدبيا، كما هو الحال بالنسبة للرياضة واللعب. أحلم بوقت يكون الإنجاز الإيجابي فيه هو الطموح. أتوق لأن نلتفت جميعاً إلى مشروعات التنمية. كتابنا، مثقفينا، مربينا، أعانكم الله على القيام بدوركم ومسؤولياتكم الجمة تجاه توسيع أفق اهتمامات الشباب، فنحن بحاجة لأن نتعلم.. حتى.. متى نبكي.
الشمال