للمقاصد النبيلة سبل توصل إليها..
ولا يكفي نبل المقاصد لتتحقق الغايات، بل لا بد أن يكون السبيل إليها واضحاً لا لبس فيه ولا غموض والوسائل والآليات مشروعة والقائمون عليها مخلصون.
وعندما نتحدث عن المقاصد والغايات والسبل المؤدية إليها، يصعب في كثير من الأحيان الفصل بين الغاية والوسيلة، فنبل الأهداف والمقاصد لا ينفصل عن كل ما يمكن أن يحققها..
وتأتي جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، في دورتها الثانية لتجمع بين نبل المقاصد وسموها، وحسن اختيار السبل التي تقود إليها.. فهذا المشروع الثقافي والحضاري الرائد.. يستهدف بالأساس إيجاد مناخ ملائم للحوار المنشود بين الحضارات والثقافات..
وليس هذا المناخ هو غاية الجائزة فقط بل ثمة غايات ومقاصد أخرى.. أهمها تعظيم استفادة الأسرة الإنسانية، مما ينتجه عقل الإنسان من علوم ومعارف وآداب.. من خلال تسهيل الاطلاع عليها باللغات المتداولة..
والمتأمل في صفحات التاريخ. يجد بما لا يدع مجالاً للشك أن تطور الأمم والمجتمعات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرتها على الاستفادة من الآخر ورغبتها أيضا في إفادته.. بل يجد واضحاً أن استقرار العلاقات الطيبة بين هذه الأمم والمجتمعات كافة وإنجاز كثير من المخترعات والنظريات التي أفادت الإنسانية بأسرها، هو ثمرة نشاط كبير في حركة الترجمة من وإلى اللغات المختلفة..
وعندما نتأمل في جائزة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، نجدها تمتلك بالفعل كل المقومات التي تجعل منها مشروعاً فريداً لترسيخ آليات الحوار والتلاقي الإيجابي بين الحضارات والثقافات.. وأول هذه المقومات ارتباطها باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والذي يشهد العالم بأسره على جهوده لخير الإنسانية وسعادة الإنسان، ويتفق الجميع على نبل مقاصده وحسن اختياره للوسائل التي تحققها.. ولعل هذا هو ما جعل من هذه الجائزة في دورتها الأولى والثانية موضع اهتمام أكبر المؤسسات العلمية والبحثية والفكرية في العالم.. وأيضاً ما يفسر حرص هذه المؤسسات على ترشيح أفضل أعمالها للتنافس على هذه الجائزة في فروعها الخمسة، ولا ينفصل عن هذا أيضا وضوح معايير تقويم الأعمال المرشحة لها، والتي لا تنفصل في مبتغاها عن نبل المقصد وحسن اختيار الطريق إليه.. بما في ذلك قيمة الجائزة مادياً ومعنوياً والتي تضعها في طليعة المشروعات الثقافية المماثلة..
وإذا كان نبل المقاصد وحسن اختيار الوسائل من السمات الواضحة في جائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة.. فإنه أيضا من أسباب عالمية هذه الجائزة الفريدة.. والتي توافر لها من أسباب النجاح والتميز والقدرة على تحقيق أهدافها ما يدعو إلى الفخر ويبعث على التفاؤل بأن تتضاعف ثمارها، وتتعاظم نتائجها عاماً بعد عام..
فشكراً سيدي خادم الحرمين الشريفين على كل ما تتفًًضل به بذلاً وعطاء لبلادك وأمتك والإنسانية بأسرها..
وشكراً على هذه الجائزة العظيمة في مقاصدها وأهدافها ووسائلها.. والتي يحق لنا أن نفخر بها ونعتز بعالميتها وإنسانيتها.
المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة