الرياض - عبدالله الحصان
من الأمور التي لا ينساها المتابعون لسوق الأسهم هو (شهر فبراير) الذي أصبح يتسبب كل عام بقدر من الخوف والقلق من أن يستعيد فيه السوق مآسي عام 2006م. ولسوء الحظ فإن كل فبراير يمر على السوق نجده أسوأ عما قبله باستثناء فبراير 2008م ففيما بين عامين 2008 و2009 خسر السوق حوالي 57.4%.. أما فيما بين فبراير 2007 وفبراير 2008 ربح السوق 26%.. أما فيما بين فبراير 2007 وفبراير 2006 خسر السوق 58%.
وقال أستاذ الأقتصاد الدكتور حسن الشقطي إن القيمة السوقية للأسهم المصدرة فقدت ما يناهز حوالي 1031 مليار ريال خلال العام الأخير فقط (ما بين فبراير 2009 و2008)، في حين أنها خسرت ما يناهز 2091 مليار ريال خلال السنوات الثلاث منذ فبراير 2006 إلى فبراير 2009م.
وأوضح: على الرغم من الربح الذي أحرزه السوق خلال عام 2008 والذي أدى إلى ربحية رسملة السوق بنسبة 46%، إلا أن السوق فقد كل مكاسبه وأضاف عليها خسائر جديدة في عام 2009، بشكل يعتبر معه البعض أن أرباح 2008 أدت إلى نوع من التغرير بكثير من المتداولين الذي ضخوا سيولات استثمارية جديدة في عام 2008 عندما رأوا أن السوق قد تحسنت حالته وانتهى تصحيحه.
وأضاف الشقطي: لعل وجود طابور من الاكتتابات لشركات لا تمتلك القوة أو الجاذبية الاستثمارية التامة خلال 2008 شكل أحد محفزات المضاربين لنشر النشوة الاستثمارية وتعزيزها للإيقاع بمئات الآلاف من المستثمرين الجدد, حيث إن مضاربي كل عام أصبح هدفهم الرئيسي جذب مستثمرين جدد ليتشاركوا معهم في تخفيف خسائرهم في السوق - والحديث للشقطي - فكل عالق في السوق لا هدف له سوى التغرير بجذب عالقين جدد وتساءل الشقطي: متى سيظل العالق عالق؟ وإلى متى سيتحمل هؤلاء هذه التعليقة؟ ألم يحن الأوان لإيجاد حسابات دقيقة تحدد لنا القيم العادلة للسوق؟ ألم يحن الوقت لكي يعرف كل مستثمر القيمة العادلة لأسهمه؟ أليس من الرحمة أن يعرف كل مستثمر نهاية ما هو فيه؟ ومن المؤهل للقيام بهذا الدور؟
من جانبه طالب المحلل الفني ماجد العمري بضرورة وجود هيئة خبراء مختصة لتقييم الشركات وأوضاعها المالية في ظل الاختلافات في التقييمات والمعايير المحاسبية، كي لا يصاب المستثمر بازدواجيات في التقييمات قد تؤثر على استثماراته مستقبلاً.
في المقابل أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك سعود الدكتور زايد الحصان وجود فوضى شاملة تلف جميع أسواق دول الخليج وليس السوق السعودي فحسب فيما يخص عمليات التقييم المالي لأسهم كبريات الشركات المؤثرة في اتجاهات أداء الأسواق الخليجية, وقال لقد تم انتقاد الآلية التي تقوم بها شركات الاستثمار والوساطة المالية في الخليج عند تقييمها لأسهم الشركات الكبرى باعتبارها تخدم مصالحها فيما يخص الأسهم التي تقوم بتقييمها، وهذه مخالفة صريحة تستحق العقاب.
وأضاف الحصان: لقد تأخرنا كثيراً في مجال تنظيم (عمليات التقييم المالي) لأسهم الشركات والتي تقوم بها شركات استثمار ووساطة خاصة تعتبر من الشركات التي تستثمر بشكل مباشر في أسواقنا بمليارات الريالات، مضيفاً أنه لا يتوقع منها أن تكون عادلة في عمليات التقييم التي تقوم بها وتتمكن مع الأسف بطريقة أو بأخرى من نشرها في وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمرئية لتنتشر بين البسطاء من المتداولين للتأثير في قراراتهم الاستثمارية بشكل أو بآخر ومن ثم التأثير على اتجاه السهم المعني أو اتجاه السوق ككل بطريقة تحقق الهدف أو الأهداف التي رسمها مقيم السهم والتي لا تخلو من استغلال جشع لهذه الفرصة غير الأخلاقية، والتي تندرج تحت مظلة الكسب غير المشروع الواجب معاقبته.
وحول أهمية مثل هذه التقييمات لم يغفل الحصان حاجة الأسواق المالية لمثل هذه التقييمات لأنها تضع المستثمر في تصور كامل لما يجري في السهم لكي يصل إلى القرار المناسب لاستراتيجياته الاستثمارية فيما يخص المخاطر والعوائد المرتبطة في ذلك السهم.
وقال: تؤدي مثل هذه القرارات الاستثمارية السليمة لأن يصل السهم إلى قيمته العادلة كنتيجة طبيعية لوجود مثل هذه التقييمات العلمية العادلة، والتي يجب أن تقوم بها شركات مرخصة من قبل الجهات التنظيمية ويكون لها مصداقية عالية لدى المتلقين لتقييماتها من محللين ومتداولين.
وشدد على ضرورة حصر تلك التقييمات في شركات ذات خبرات مالية عالمية يتوفر لديها عدد كاف من الكفاءات المتخصصة في مجال التقييم المالي على أن لا يكون لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة في الأسواق التي تقوم بتقييم أسهمها لضمان الحيادية الكاملة وتعزيز الشفافية والمصداقية في التداولات اليومية.
وحول إنشاء جمعية لحماية ورعاية حقوق مستثمري سوق الأسهم عاد الدكتور حسن الشقطي ليقول: لقد سعدنا جميعا بهذا الخبر وسعدنا أيضاً بقيام عدد من الشركات المالية المتخصصة بالرعاية والاهتمام لإيجاد تحليلات مالية حيادية للشركات والسوق، وأيضاً سعدنا بوجود عدد من الخبراء مهتمون بفحص السوق ودراسة قيمه العادلة.. إلا أنه رغم كل ذلك، فإنه لا توجد حتى الآن دراسة أو تقرير أو تحليل يمكن الثقة به في تحديد القيمة العادلة للمؤشر أو للأسهم القيادية بالسوق.
وأشار الشقطي إلى احتياج المؤشر لقيمة عادلة نثق بها كمتابعين على الأقل على المدى القصير (عام تقريباً) ونثق في أنها تمثل قاعا يفترض أن لا ينزلق المؤشر بعده, وحتى إن انزلق نثق في أنه سيعود إليه سريعاً, فمن سيقدم لنا هذه القيمة العادلة؟ ومن سيقول بأن هذا المستوى هو نهاية قيعان المؤشر التي لا تنتهي؟