شركات التأمين التي يتم تداول أسهمها في سوق الأسهم السعودي هي بالطبع المقصودة بالعنوان أعلاه، ولا أحد يجهل حجم الضرر الذي جلبته تلك الشركات لسوق الأسهم بتسببها بنشر فوضى المضاربة في السوق منذ بدايات طرحها للتداول وحتى يومنا هذا، حتى دخل السوق في نمط استثماري مضاربي فريد هو أبعد ما يكون عن المنطق والمعقول. ويبدو أن هيئة السوق المالية ترغب في القضاء على ما تبقى من مدخرات المتورطين في السوق من ملايين المواطنين بتحميلهم أخطاء العزيزتين وزارة الصناعة والتجارة ووزارة الصحة، ومن خلفهما مجلس الضمان الصحي التعاوني.
ألم يكن من الأجدى للاقتصاد الوطني ولسوق الأسهم أن لا يتم طرح تلك الشركات الورقية في السوق، وهي الشركات التي لا يوجد لها سوقاً في الأصل لكي تمارس عملها بطريقة صحيحة، ولا يتوافر لها قيادات مؤهلة تمتلك الحد الأدنى من الخبرة في إدارتها.
أليس من الأجدى بأن لا تلزم هيئة السوق المالية نفسها بالموافقة المفتوحة لطرح أسهم أي من شركات التأمين حتى يشتد عودها ويتم تنظيم سوق التأمين الفوضوي، والذي لن يتم تنظيمه بشكل جيد ما لم يتم إنشاء هيئة عليا خاصة به على غرار الهيئة العليا للسياحة والهيئة العامة للاستثمار وغيرهما.
إذن لماذا يتحمل سوق الأسهم والمواطن المكلوم وزر فوضى سوق التأمين؟ نعلم أن ما يجري في سوق التأمين من إنشاء لشركات قد لا يكون هدفها الأساس هو ممارسة نشاط التأمين، بقدر ما يكون استثمار رؤوس أموالها في سوق الأسهم هو الهدف الأهم من إنشائها.
وإن نحن أردنا أن نخدم نشاط التأمين فعلا في المملكة لماذا لا يتم الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وهي صاحبة الريادة العالمية في هذا المجال.
لماذا لا نستفيد من تجربة إنشاء شركتي البلوكروس والبلوشيلد الأمريكيتين، وهما شركتان لا تهدفان لتحقيق الأرباح، ومع ذلك تخدمان شريحة كبيرة جداً من المواطنين مما يقلل من الحاجة إلى إنشاء عدد كبير من الشركات الصغيرة التي قد ينحرف الهدف الأساس من إنشائها إلى أهداف أخرى بعيدة كل البعد عن نشاطها الأساسي، وهذا هو تماماً ما ابتلي به سوق الأسهم لدينا فتحمل وحده عبء انحراف تلك الشركات.
أتمنى أن لا تتذرع هيئة السوق المالية بأنها ملزمة بقوة النظام بفتح المجال لطرح المزيد والمزيد من تلك الشركات الورقية حتى لا تتساوى قوى البيع والشراء بين سوق الأسهم ومحلات أبو ريالين باعتبار أن بضاعتهما رديئة الجودة ورخيصة الثمن فلا يشتري منهما إلا من لا يتجاوز أفقه الاستثماري أرنبة أنفه، فإما مضارباً جشعاً أو مستهلكاً فقيراً.
وأخيراً، إن موافقة هيئة السوق المالية الأسبوع الماضي على طرح أربعة شركات تأمين جديدة للاكتتاب في سوق الأسهم، هو خطأً كبير يجب حقيقة على الهيئة أن تعيد النظر في مثل هذا القرارات لكي تحافظ على ما تبقى من بقية من أموال الملايين من المواطنين والذين يحلمون ليل نهار بعودة سريعة لخسائرهم التي تجاوزت الترليوني ريال، وقبل أن يقول الأحبة في هيئة السوق المالية (بيدي لا بيد عمرو).