مناجاة.. همس.. شكوى.. أغنية تحط في قلب السامع.. قصيدة تتوسد صحائف الشاعر.. كلمات ترهق كاتبها، تتمرد تمرد الخيل الجافلة.. تستعصي على عسف فارسها..كلمات حب خجلى من عجزها عن وصف ما في المكنون.. ظنون آيبات وأخرى راحلات.. دفاتر ذكريات.. تسجل الأيام.. وتكتب التاريخ..
أحاديث تصرخ بهمس السكون في أذن الليل وهو يصغي..
تحت عباءة الليل رفعت بصري إلى عمق ظلامه.. سألته: هل تسمع حديث الليالي؟.. ماذا يقول العاشقون؟.. بم يناجي ربهم المناجون؟.. كيف يهمس المحب لحبيبه؟.. وكيف يناجي العاشق وليفه؟.. أي أغنية يسمع السامع؟.. وأي قصيدة يكتب الشاعر؟.. أي حديث يسكن عمقك؟ حين ترحل هل تحمل معك كل هذه الكلمات؟ إلى أين ترحل بها؟ هل تُحدّث بها أحدا؟ هل تتلوها على تلك المدن وتلك الديار؟ هل تعيدها لأصحابها يوما أم أنك ترميها في ظلامك وتخفيها تحت سوادك؟ أحقا أن النهار يمحو حديثك؟ أم أنه عذر العاجز الذي لا يسترد منك ما أعطاك؟
فيا أيها الليل لي في رحلتك أسئلة تملؤني كما يملؤك الظلام؟ هل لها فيك جواب؟
ماذا تخبئ في جوفك؟ وماذا تواري تحت عباءتك؟ لِمَ نحبك وأنت رمز الخوف؟ ونهمس لك وأنت عواء الذئاب؟ ونرحل في طرقك وأنت بلا ملامح؟ كيف تلم في حضنك كل هذه الأرجاء، تهدهدها حتى تنام؟ أحنان أنت أم وحشة؟.. خبرني أيها الليل عن ساريات الفلاة.. وشاردات الفرائيس.. وأعين السباع.. عن بكاء المكلومين.. وعناء الصابرين.. خذني معك إلى حيث ترحل علّني أستدل دارك.. وأعرف قرارك.. وأرى ماذا تصنع بكل حديثنا الذي يسكن قلبك..
لاح الصبح ورحل الليل حاملا كل ما حدثته به.. وكأني سمعته يقول: حتما سأعود.
***
(حديث الليل) شاركتني فيه أنغام طلال مداح:
(سوالف ليل تجمعنا
بجنب النار بجنب النار
نصحي جمرها ونغفى
على الأسرار على الأسرار
تذكرنا ليالينا وزمان كان ناسينا..).
***
(حديث الليل) حديث نصدق فيه كثيرا....